مدار الساعة -ايمان ابو قاعود - كشف باحث اكاديمي أردني أن الضحك ليس من عناصر الشخصية الأردنية في الظاهر رغم ما يقوم به الضحك من أدوار وظيفية سلوكية وعلاجية وإبداعية داخلية تُسهم في كسر الاعتياد اليومي بسبب مغالبة الإنسان الأردني للظروف الديمغرافية التاريخية والحياتية الصعبة التي تعيشها الشرائح الدنيا والمتوسطة، فالأردنيون يعيشون ضمن إقليم جغرافي سياسي صراعي مؤثر فيهم أكثر من تأثيرهم فيه، وبحكم الموقع الجغرافي حوالي "83% من مساحة الأردن ضمن إقليم المناخ الصحراوي وشبه الصحراوي "، فإن أنماط التنشئة الاجتماعية والحياتية التي يتلقونها تتسم بالجدة والصرامة ترابطاً مع تمثلهم لثقافة "المغالبة " على حد تعبير العلامة "ابن خلدون"، إضافة للتأثيرات المصاحبة للتركيبة المتنوعة لسكانه بخلفياتهم التاريخية الصراعية .
وبين البرفسور الدكتور حسين طه المحادين، المتخصص في علم الاجتماع –جامعة مؤتة، في تصريح لـ مدار الساعة أن أهمية الدراسة والتي تعتبر الاولى من نوعها في الاردن وعنوانها " اتجاهات الأردنيين نحو الضحك" تكمن في لفت نظر التربويين والدارسين لأهمية معرفة وتوظيف أفضل الأساليب للتغلب على مُعيقات إظهار الفرح لدى أفراد المجتمع الأردني من وجهة نظر المبحوثين اضافة الى الاستفادة من مضامين النكات في عمليات رصد التغيرات الثقافية والاقتصادية والميول الشعبية نحو الموضوعات العامة في المجتمع الأردني من قِـبل صُــناع القرار والإعلاميين كجزء من مكونات واتجاهات الرأي العام موضحا ان الضحك ابداع وموقف شعبي اختص به الإنسان تحديدا دون غيره من الكائنات.
واختار محادين طلبة الدراسات العليا في جامعة مؤتة كعينة لدراسته لانهم يمثلون الثقافات الفرعية في المجتمع الاردني وهي البادية الريف المدينة والمخيم. لافتا انه يمكن توظيف نتائجها في التعرف على اساليب المواجهة Coping الساخرة التي يتعرض لها الأفراد، من قبل المختصين كعلاج للاكتئاب وإطلاق الطاقات الإبداعية للأفراد وزيادة التفاؤل عند الكبار والصغار .
واشارت نتائج الدراسة، التي حصلت عليها "مدار الساعة" الى ان الاناث في المجتمع الاردني يضحكن اكثر من الذكور والعزاب اكثر من المتزوجين.
وكشفت نتائج الدراسة ان الضحك يسهم في عملية التواصل الاجتماعي بين الافراد اضافة الى تشكيل رأي عام ساخر نحو القضايا المستجدة كما يعبر الضحك عن نقد التصرفات السلبية في المجتمع ويسهم الضحك كذلك في تنشيط الافكار والالفاظ والتعبير عن التناقضات في المجتمع
ولفتت الدراسة الى ان بعض النكات تلفت الانتباه لسلوكيات وثقافة أبناء منطقة جغرافية معينة في المجتمع الاردني كما يعد الضحك وسيلة اتصالية سهلة لتقارب وجهات نظر الافراد بلغة ساخرة كما يعبر الضحك عن خصوصية ومشاكل المجتمع الذي تطلق فيه كما تختلف النكات المتداولة بين الاردنيين في الجلسات الخاصة والعامة كما يتأثر الضحك بطبيعة المكان والزمان الذي يتم فيه تناقل النكتة
وأظهرت النتائج أن الوظائف الشخصية للضحك مهمة وجاءت بالترتيب الشعور بالحيوية والطاقة وان الأمور مازالت بخير، وفي خفض الشعور بالحزن والملل والروتين في الحياة، وفي مواجهة تحديات الحياة وهمومها المتنامية في المجتمع الأردني، وفي الحديث بجرأة في المواضيع الممنوعة اجتماعيا وسياسيا ودينيا عادة.
ولفتت الدراسة الى ان المجتمع الأردني كمجتمع نامِ وحاضن لنا وهو المحدد لدرجة تقبله أو رفضه لمجاهرتنا في الضحك تمشيا أنماط التنشئة والبيئة التي تشكلّنا في مؤسساتها وفقا لما هو مسموح به ومنهي عنه من سلوكيات ثقافية سائدة فيه خصوصا وان (70%) من الأردنيين متحفظون ويحسبون حسابا لكل شيء بحسب الدراسات ؛فالضحك أردنيا غير محبب المجاهرة به أمام الآخرين وأن كانت النكتة تضحكهم ويداولونها بحكم نوعية التنشئة التي تشربناها والبنية الديمغرافية الصراعية التكوين وسيادة قيم المغالة البدوية على المرح او الترويح عموما؛
واوصت الدراسة بضرورة توعية الأبوين في الأسرة الأردنية بفوائد الضحك النفسية والجسدية والترويح عموما كي يقوم الآباء والأمهات في تضميها لأنماط تنشئة أبنائهم من الجنسين على تقوية الروابط الأسرية والاجتماعية الثقافية الاشمل في مؤسسات المجتمع.
ولفتت الدراسة الى أهمية قيام وسائل الإعلام الأردنية لاسيما البصرية منها في بث الكثير من الأعمال والصور والنكات الفكاهية التي من شأنها أن تعمم ثقافة الضحك لتخفف على المواطن من ضغوط الحياة والجدية المبالغ بها في تعاملات الأردنيين في ما بينهم ومع الآخرين.
كما دعت إلى ضرورة زيادة أعداد وتعميق مضامين البرامج الترويحية القليلة للان لدى الشباب من الجنسين في الجامعات الأردنية.