انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

سرقات البنوك ... ما الذي يحدث؟

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/25 الساعة 01:01
حجم الخط

أحمد الحسبان

رغم ما المسه في نفسي وفي محيطي الذي اتعامل معه من عمليات سطو مسلح محدودة على بعض البنوك ـ حالتان حتى كتابة هذه المقالة ـ الا انني أرى ان أي مجتمع مهما كان محافظا، لا بد وان يكون معرضا الى تغيرات اجتماعية واقتصادية تنقله من حال الى حال.

بالطبع، لا ابرر ما حدث، ولا اهون الامر، واعتبره بمثابة قفزة لها آثارها السلبية على طبيعة مجتمعنا الذي يغلب عليه طابع المحافظة، والذي نصفه دوما بانه مجتمع صغير متماسك، الكل فيه يعرف الكل، ونتمسك ببعض الأمثلة التي نرددها في جلساتنا وتواصلنا بانه» لا يمكن ان يلتقي عشرة أردنيين في مكان ما الا وكان نصفهم يعرفون أقارب النصف الاخر، وما التقى اردنيان مصادفة الا وكان احدهما يعرف بعضا من أقارب الاخر».

تلك الحقائق، لا تنفي حدوث أمور سلبية يمكن اعتبارها نتيجة للتطورات والتغيرات والتعقيدات التي يشهدها المجتمع، وبخاصة مجتمعنا الذي تعرض وما زال يتعرض الى هزات سببها ما يحدث في المنطقة، وما يكون ناتجا عن تداعيات في دول الجوار.

الان، لا نريد ان نقلل من شان ما حدث في مجال» السطو المسلح»، لكننا مضطرون للتعامل معه، وتوقع حدوث حالات مماثلة، وبحيث يكون تعامل كل جهة او شخص ضمن حدوده وبما يخدم المنظومة الأمنية الوطنية ككل، وما يتناغم معها.

فالامن العام والأجهزة المختصة لها واجب، وبالتاكيد فإنها ليست مقصرة في ذلك الواجب، وهناك إحساس عام بالثقة بقدرة الامن العام وكافة الأجهزة الأمنية على القيام بواجباتها. وكان التعبير عن تلك الثقة واضحا خلال الدراسة التي اجراها منتدى الاستراتيجيات الأردني مؤخرا، حيث احتلت الثقة بالامن والاجهزة الامنية مرتبة متقدمة في نتائج الاستطلاع.

ما اقصده، ان يغير المجتمع من رؤيته للواقع وان يتوقف عن التمسك بالمثاليات في تعاطيه مع التطورات، ولو كان ذلك فيما يخص التفاصيل فقط، وان يغير تبعا لذلك من استراتيجياته في التعامل مع الواقع بكل ما فيه من سلبيات.

وعلى مستوى المؤسسات، عليها ان تغير من تعاطيها مع مثل تلك التطورات، وان تتهيأ لاية تغيرات فرضتها التطورات الاقتصادية والسياسية والامنية في المنطقة ككل.

على سبيل المثال، لا بد من ان تولي المؤسسات من بنوك وغيرها العناصر الامنية الخاصة بكل منشاة اهمية خاصة، فمع التسليم بان الاجهزة الامنية تبقى المظلة العامة التي نتفيأ ظلال جهدها، لا بد من ان تعدل المؤسسات الخاصة في اسلوب تعاطيها الامني، بحيث تكون هناك دوائر امنية مصغرة خاصة بها تتولى جانبا من حمايتها، وان تعمل تلك الدوائر في اطار مؤسسي محدود، ولكن ضمن الاطار الامني الوطني العام.

وان تاخذ المؤسسات مهما بلغ حجمها وسواء اكان مؤسسات صغيرة او كبيرة بعضا من الجهد الوطني الكبير الملقى على عاتق الاجهزة الامنية.

وعلى سبيل المثال، كان من الممكن ان لا تصل حادثتا سرقة البنكين في عبدون والوحدات الى ما وصلت اليه، وكان يمكن ان تبقيا كمحاولتين قام بها مغامران او هاويان فقط لو ان في البنكين نظام حماية اكثر احكاما وكان لديهما رجال امن خاص.

وكان من الممكن ان تتقلص سرقات الكهرباء والمياه الى ادنى حد ممكن لو تقبلت ادارات الجهات المختصة في القطاعين فكرة تحمل جزء من المسؤولية الامنية الخاصة بحماية منشآت وشبكات القطاعين، وكان ممكنا ان تتقلص عمليات السطو على المحلات التجارية والسوبرماركتات الى ادنى حد ممكن لو اشترطت الجهات المختصة توفير فريق امني كشرط للترخيص.

كل ذلك لا يدع أي مجال للتشكيك بقدرات وامكانات اجهزتنا الامنية، ولا يعني سوى اعادة برمجة تفكيرنا فيما يخص حماية المنجزات الوطنية، وتحديدا دور المواطن والمؤسسات في المنظومة الامنية، وبحيث يعمل الجميع في منظومة واحدة وتحت مظلة اجهزتنا المقدرة والمحترمة وصاحبة السمعة الطيبة التي نعتز ونفتخر بها.

حمى الله الوطن من كل مكروه ... وحمى قيادته وجيشه وامنه.


الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/25 الساعة 01:01