مدار الساعة – عبدالحافظ الهروط – يرى نائب رئيس الوزراء السابق الخبير الاقتصادي الدكتور جواد العناني ان رفع نسبة الضرائب من قبل الحكومات ومنها الحكومة الحالية خطأ استراتيجي، وان خفضها هو الصحيح للاصلاح الاقتصادي الاردني ومعالجة التشوهات.
وبيّن العناني في حديثه لـ مدار الساعة انه كلما ارتفعت نسبة الضريبة قلّ المردود للخزينة لأنه سيشجع اولاً على التهرب الضريبي من جهة، ولن تكون هناك قوة شرائية قوية على صعيد المؤسسات والأفراد، بل في تراجع، وخصوصاً في ظل تدني الدخل من جهة ثانية، وبالتالي فإن الرواتب التي يعتمد عليها العاملون ستكون في تآكل.
وقال العناني ان الوضع الاقتصادي في المملكة شهد تراجعاً في آخر ثماني سنوات بعد ان تراجعت اقتصاديات المنطقة ما انعكس على الاقتصاد الاردني حيث يعد الاردن من أكثر الدول تجارياً، ويعتمد على القروض والمساعدات والعمالة الخارجية والعمالة الاردنية في الخارج والاستتثمار ويستورد الغذاء والاحتياجات الأخرى.
وتساءل أين المشكلة؟ مجيباً، ان المشكلة الاقتصادية، منها آنية لظروف خارجية املتها الحروب فمنعتنا من الوصول الى الاسواق التي نتعامل معها في الدول العربية والصديقة وما تسبب به وضع اللاجئين، فنجم عنها تعطيل الحركة الاقتصادية.
والمشكلة الثانية وهي التي ازدادت فيها حاجات الناس للسيارات وادوات الاتصال (الخلويات) والتكنولوجيا، اضافة الى البطالة بعد التعليم لعدم وجود وظائف، وارتفاع الأسعار، وغيرها من الكلف الاجتماعية، وجميعها شكلت ضغوطاً على رواتب الأُسر، فبلغت نسبة الانفاق 113% من دخلها.
واكد العناني ان الانفاق الحكومي في تزايد ما شكل مديونية، مبيناً ان ما قيمة الرواتب والاجور والتقاعد تبلغ 4.4 مليار دينار سنوياً في الوقت الذي يتطلب من الحكومة تأمين 350 مليون دينار شهرياً رواتب وصناديق رعاية اجتماعية ودعم للمنتوجات.
وقال "لا شك ان هناك فساداً يجب محاربته وان هناك تهرباً ضريبياً يجب ان ينتهي وان هناك قوانين وجدت لتخدم مصالح وليس المصلحة العامة"، مستدركاً ان القوانين يجب ان تحترم ولا تُخالف ويتم تعديلها اذا ما كانت تخدم المصلحة الوطنية، كما يجب ان يطغى العمل المؤسسي لا ان يكون عملاً يدار لخدمة ومنافع أشخاص.
ولفت العناني الى ان التحدي الأكبر الذي يواجه الاردن هو عدم ادارة الموارد (عناصر الانتاج) وابرزها : الرأس المالي البشري وهو عنصر تملكه الدولة وقد اثبت انتاجيته في المملكة وخارجها.
العنصر الآخر وهو عدم التوافق بين التعليم ومخرجاته وحاجة سوق العمل والنقص في التدريب المهني وارتفاع البطالة، وعدم استغلال الارض للزراعة وتحويلها الى اسكان والتأخر في تصنيع البوتاس والاسمنت، مثلما لم يتم تنمية او استثمار مساحة الارض في الجنوب رغم وجود الموارد والثروات فيها.
عدم دعم عنصر الابداع القادر على التجديد وهو عنصر يحتاج الى رعاية بحيث ننتقل من الكم الى النوع، وخصوصاً في التعليم والبحث العلمي وتطوير الخدمات.
وفي ما يتعلق برأس المال اكد العناني اننا قادرون على استخدام الموارد ولكننا لم نستثمرها.
وقال العناني "كان علينا ان لا نترك انفسنا دون بدائل سواء على صعيد العلاقات العربية او الدولية، فقد كانت السعودية تقدم المساعدات المالية في المراحل السابقة، مثلما اعتمدنا على العراق في تزويدنا بالنفط، وأخيراً على مصر في تزويدنا بالغاز، وهذه الدول الثلاث لا شك انها تغيرت ظروفها السياسية والاقتصادية نتيجة التغيرات الدولية وظروف المنطقة بدءاً من حرب الخليج الثانية وصولاً الى الربيع العربي وما بعده".
هذه العوامل وغيرها أثرت على الاردن ما يدفعه الى ضرورة العمل بنظرية التكيف في اتخاذ القرار على مستوى الأبعاد الثلاثة : البعد الأول الجبهة الداخلية وهو بُعد يتطلب ان يكون اتخاذ القرار منسجماً معها، والبعد الثاني وهو البعد الاقليمي اي ما يجري في المنطقة وكيف يكون اتخاذ القرار والبعد الثالث وهو البعد الدولي وهو دور مؤثر في الجانبين السياسي والاقتصادي معاً، وما يجب على الاردن للتعاطي معه بما يخدم مصلحته.