انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

كاتب إسرائيلي: الأردن جنّد المومني

مدار الساعة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/22 الساعة 00:37
حجم الخط

مدار الساعة - تحت عنوان "المصالحة مع الأردن: جِد الفروق قال الكاتب سمدار بيري في صحيفة "يديعوت أحرنوت":

حتى اليوم، رغم مرور نحو ستة اشهر، احد في الجمهور الاسرائيلي، مثلما في الشارع الاردني ايضا، لا يعرف ما الذي حصل حقا في نطاق السفارة في عمان. ثلاثة وصلوا الى الشقة المأجورة: مبعوث محل الاثاث محمد جواودة ابن الـ 17، صاحب الشقة، د. بشار حمارنة، طبيب عظام في اختصاصه وزيف موئيل، الحارس.

بالنار الذي اطلقت من مسدس موئيل الشخصي قتل المواطنان. الفتى، اغلب الظن حاول طعن مويال حين اكتشف انه اسرائيلي، والطبيب علق في عين العاصفة حين حاول تهدئة الخواطر. عندما يعلن رئيس الوزراء نتنياهو، الذي يعرف ظروف الحدث، بان الطرفين يستخلصان الان استنتاجاتهما، فانه لا بد يأخذ بالحسبان القصورات ايضا: فالحارس الاسرائيلي كان يمكنه أن يمنع الحدث، لو انه جند اسرائيليا آخر يرافقه الى الشقة، والاستقبال الزائد في مكتبه للحارس ولسفيرة اسرائيل، والذي صفى لها حياتها السياسية وأثار اعصاب الملك الاردني.

الاردن ليس تركيا، فهو البوابة الخلفية لدولة اسرائيل، والذي يعرف الحساسية والضغوط حتى قبل اتفاق السلام. ويمكن القول ان الطرفين عرفا كيف يسرقان معا الكثير من الجياد الشريرة، وعرفا كيف يطفئان الحرائق في أماكن مشوقة. اسرائيل تكن احتراما كبيرا لاجهزة امن المملكة وبالعكس. وعند الحاجة، اذا ما استخدمنا لغة غير تصويرية، يفتح الباب، والقافلة تمر.

لنصف سنة لاحقت اسرائيل اجهزة الاستخبارات في عمان لمحاولة اغلاق القضية. الملك عبدالله اعلن عن ضحيتي حدث السفارة "هؤلاء ابنائي"، بعد أن امتنع رئيس الوزراء نتنياهو عن رفع الهاتف. لو أن نتنياهو هاتف، لما جرت المشكلة. الشارع ضغط، البرلمان طالب بالغاء اتفاق السلام – وعلى اي حال يكرهون اسرائيل هناك – والاردنيون ساروا على سابقة مرمرة ووضعوا أربعة شروط لانهاء القضية: اعتذار علني، تعويض مالي لعائلات الضحايا، استنفاد القانون مع الحارس واستبدال السفيرة التي "احترقت" بالبث الحي والمباشر.

عندما تبينت لهم الحماسة في القدس، اضافوا اسم القاضي رائد زعيتر الذي قتل في تموز 2014 برصاص حارس اسرائيلي في جسر اللبني.

في هذه الحالة، لم تفتش اسرائيل عن سبب الحدث. يحتمل ان تكون اسرائيل محقة، ويحتمل أنه كانت هناك حاجة لضبط النفس في اطلاق النار. ولكن من أدار المفاوضات أوضح من اللحظة الاولى بانه لا يوجد اي امل في أن يقدم الحارس الاسرائيلي الى المحاكمة.

هذه الصفقة، التي حيكت قبل نحو شهرين وجمدت بسبب تصريح ترامب عن القدس، كادت تتفجر في نهاية الاسبوع. فقد جند الاردن وزير الاعلام، المومني، للاثبات بانه أنزل نتنياهو على ركبتيه: اسرائيل أعربت عن الاسف الشديد والاعتذار، ابناء عائلات الضحايا الثلاثة أعلنوا امام الكاميرات "حصلنا على ما نستحق"، الاردن شطب السفيرة شلاين وكشف النقاب عن التزام اسرائيلي لمواصلة الاجراءات القانونية ضد الحارس مويال.

وفي اليوم التالي اصر ديوان رئيس الوزراء على نشر رواية اخرى: فلم تذكر سوى "التفاهمات" التي أدت الى اغلاق القضيتين، وحرصت اسرائيل على التشديد على اهمية العلاقات الاستراتيجية، ولا كلمة عن الاعتذار، الندم أو الالتزام بالتعويض المالي.

لقد لاحقت أبخرة الغضب الاردني نتنياهو حتى الهند: فقد اضطر الى جمع المراسلين الاسرائيليين لترميم الرواية: اسرائيل تعرب بالفعل عن الندم (وليس الاعتذار)، اسرائيل ستدفع (5 مليون دولار) لحكومة الاردن (التي ستنقلها الى عائلات القتلى)، واسرائيل ستواصل التحقيق في ظروف حادثة اطلاق النار في السفارة. بالتوازي، اطلق عطاء لمنصب السفير القادم في عمان. في نهاية المطاف، يخرج الطرفان جريحين.

كائن من سيكون السفير القادم، فانه سيستقبل استقبالا جافا. فالاجهزة من هنا ومن هناك ستعمل من فوق الرأس، والشارع سيلتصق بالعداء. لا حاجة لان يكون المرء خبيرا كبيرا كي يخمن ماذا سيحصل حين يحاول السفير الاسرائيلي ان يشق لنفسه طريقا في الصالونات السياسية لعمان. الحل الوحيد يوجد في التعاون الاقتصادي. حتى اليوم تعتبر اسرائيل في الاردن الجار الغني والمغرور. وقد درج الملك حسين الراحل على الشكوى من أن أكوام اوراق العروض الاسرائيلية للمشاريع والاعمال التجارية يمكنها ان تقيم اسوار الفصل.

الاسرائيليون يأتون لزراعة الاحلام، تلتقط لهم الصور في القصر، ويتبخرون. من يدعي بان العلاقات الاستراتيجية مع الاردن هامة ملزم بان يقيم قسما اقتصاديا في السفارة، يزود السفير القادم بالمخططات ويفتح اسرائيل امام أسرة الاعمال التجارية الاردنية. مع كثير من الصبر، والتفكير الابداعي، هذا سينجح.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/22 الساعة 00:37