أعتقد أن اللحظة التي نعيشها تستحق تأملات كبيرة و طويلة ..الضيق يصيب الجميع ..والألم لا يغادر أحداً ..و قلّة الخيارات المتاحة هي عنوان بارز لما يعيشه كلّ فرد و ما تعيشه أيضاً مؤسسات كبيرة بأكملها..
الوضع العام يستحق العفو العام ..فهذه السجون تمتلئ بمن أصابهم الضغط و جعلهم ضحايا له ..ولهفة السجناء على فرصة جديدة أو طي صفحة الماضي تستحق أن نساعدهم فيها ..والذي دعاني للكتابة الآن بهذا الموضوع و المطالبة بعفو عام؛ هو كميّة الرسائل التي تصلني من السجون الأردنية و التي يناشدون فيها العفو كي يبدأوا من جديد ..والرسائل تصلني عن طريق سجناء تم الافراج عنهم أو عن طريق ذويهم .
عشتُ فترة (مش بطالة) بالسجن قبل سنوات بعيدة ..وأعرف تماماً ماذا تعني كلمة العفو ..؟ وأعرف أنها أكثر كلمة متداولة هناك ..وأن قصصاً و إشاعات تتركب على هذه الكلمة ..وأن خبراً واحداً في الجريدة لا دخل له بالعفو قد يتم تأويله و تحريفه من أجل التمسك بأمل إصدار العفو ..!!
كل شيء في السجن يدعو للعفو ..كل هذا الضيق يدعو للعفو ..كل هذا التداخل الاقتصادي و الاجتماعي يدعو للعفو ....! وحينما أدعو للعفو فأنا لا أقصد حتما ضياع حقوق الناس المرتبطة بمن تم سجنه ..بل يجب ضمانها قبل العفو وبعد العفو ..
أعلم إن وصلت مقالتي للسجناء ستكون حديثهم لأيام ..وسيظلون يسألون أنفسهم ذات السؤال حينما كنتُ هناك : بالك يردّوا عليه؟؟ وستظل الإجابات مختلفة ومحلقة؛ ولكنها تصبّ في هوى النفس والتمسك بأمل الاستجابة ..!
لله درّ الانسان ما أضعفه ..!
الدستور