ومعلوم ان السياسة الخارجية الإيرانية المتميزة باثارة الحروب الاهلية والمعارك، هي انعكاس للسياسة الداخلية المتميزة بالانغلاق والتعصب والاستبداد والمطلقية.
ان هبّة شعب ايران العريق، الموغل في الحضارة والتنوع والتعدد، لن تكون الأخيرة. كما انها ليست الأولى. ويبرهن على صلابة وقوة هذه الاحتجاجات ان نظام الملالي الدموي في الداخل والذي يوزع الدم والموت في الخارج، هو سلطة مرعبة طاغية، يمارس التعذيب والاغتيال ولواط الشباب المعارض واغتصاب الفتيات المحجبات المحتجات، كما حصل في انتفاضة 2009 التي سلط فيها على الشباب المنتفض، اجهزته الوحشية التي تتشعب الى اكثر من 20 جهازا.
ان هذا النظام الخبير المتمرس في التقية والخداع، واغتيال المعارضين ماديا ومعنويا، في الداخل والخارج، يلجأ الى وصم المحتجين والمعارضين بأنهم ممولون من الخارج وانهم عملاء للصهيونية وسيزعم انه وجد معهم أسلحة وسيسجل لهم اعترافات تحت التعذيب وسيطلق فيهم شبيحته وحرسه الثوري والمتعصبين، كما تفعل كل الأنظمة المغرقة في التخلف والاستبداد.
واخطر ما يمكن ان يحدث الان هو رفع شعارات ومطالبات قومية او انفصالية من الأقليات القومية او الاثنية او الدينية او المذهبية. وهو اكبر هدية واقوى طوف نجاة يقدم للنظام لانه سيؤدي الى تحويل مجرى الاحتجاجات وانفضاض اغلبية المحتجين عن شعاراتهم المحددة في توفير العمل وإخراج الشعب من الحصار ومن عزلته العالمية والتوقف عن تبديد مقدرات ايران الهائلة وهدرها على أحزاب وجماعات وجمعيات وفصائل وعلى التسلح وعلى حساب الحاجات الأساسية للشعب الإيراني.
لقد اعلن السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني بوضوح وبزهو ان ايران تزود حزب الله بكل شيء من علبة الثقاب ورغيف الخبز ورواتب أعضاء الحزب الى الصواريخ.
كتبت هنا في «عرض حال» بالدستور يوم 7 حزيران 2017 تحت عنوان «حلف جديد في الطريق الى التشكل» ما يلي:
«واضح تورط ايران في الأقطار العربية، التي فيها شيعة، على امل تحقيق حلم ووهم الإمبراطورية الفارسية، وهو التورط الذي سيقود الى استنزاف ايران وانحسارها، وانتقال نار الحرب الاهلية اليها، وهي التي تضم عدة مذاهب: شيعة 89 % وسنَّة 10% وقوميات: فرس، عرب، اتراك، اذريين، جيلاك، تركمان وبلوش».
وتوقعت قيام حلف ضد ايران قبل 10 شهور من قيام الحلف الإسلامي الأمريكي الذي اعلن اثناء زيارة ترامب الى الرياض بتاريخ 21 تموز 2017 فقلت ما يلي في نفس المقالة:
«ان الإقليم مقبل قريبا على تفاعلات جيوسياسية هائلة من اجل التعاطي مع التوسع الاستعماري الفارسي، الذي هو بمثابة اعلان حرب إيرانية رعناء، ستدفع على وجه الجدية والسرعة، السعودية والامارات والبحرين والكويت والأردن ومصر، الى التصدي لهذا المشروع العقيم، بمشروع تحالف سياسي عسكري اقتصادي امني، يملك مقومات النشوء والنمو والنجاح».
الدستور