مدار الساعة - يستقبل ملايين البشر في مناطق شمالي الولايات المتحدة الأميركية يوم رأس السنة، وسط موجة من البرد القارس، الذي بسببه تجمَّدت أجزاءٌ من شلالات نياغرا، وبَدَت تلك المناطق أشبه بالأماكن المتجمدة التي عرضها فيلم The Chronicles of Narnia.
وواجه أكثر من 220 مليون شخص انخفاض درجات الحرارة تحت درجة التجمُّد، يوم الجمعة الفائت، 29 ديسمبر/كانون الأول 2017، في ظل توقُّعات بمزيدٍ من الانخفاض في درجات الحرارة، مع استمرار عطلة نهاية الأسبوع في الاحتفالات بقدوم العام الجديد.
على قمة جبل واشنطن -أعلى قمة في شمال شرقي الولايات المتحدة وصلت درجة الحرار إلى 34 درجةٍ تحت الصفر، مع وصول درجة الرياح الباردة إلى 89 درجة تحت الصفر، لدرجة أنَّ بعض مقاطع الفيديو أظهرت تحوُّل ماء مغلي إلى "ثلج" عند إلقائه في الهواء، بحسب ما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، السبت 30 ديسمبر/كانون الأول 2017.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى وجود تقارير تحدثت أن درجات الحرارة القارسة تسبَّبَت بالفعل في وفاة بضعة أشخاص، وإلغاء قائمةٍ طويلة من الاحتفالات بالعام الجديد في عطلة نهاية الأسبوع.
وتزايد القلق بعدما شهدت مناطق في الولايات المتحدة حوادث تصادم جماعي وتجمُّد الأنابيب، وسرقة السيارات بعد أن ترك أصحابها محركاتها تعمل بلا مراقبة من أجل تدفئتها، ما دفع الشرطة لإرسال تحذيرات لأصحاب السيارات بعدم ارتكاب الأمر نفسه.
ومع أنَّ هذه الظروف قد تكون مُهلِكة، التُقِطَت صورٌ رائعة هناك لبعض الأماكن، كشلالات نياغرا التي تجمدت أجزاء منها، وأظهرت صور وفيديوهات كُتَلاً ثلجية مدلاة لامعة، وأكواماً ساطعة من الثلوج البيضاء، مما يجعل زيارتها تستحق عناء تحمُّل البرد القارس.
القادم اسوا
وشهدت ولاية كارولينا الجنوبية الساحلية موجةً نادرة من الأمطار المتجمدة والرذاذ المتجمد يوم الجمعة، لدرجة أنَّها أجبرت السلطات على إغلاق بعض الجسور من مدينة تشارلستون إلى مدينة ميرتل بيتش لإزالة الجليد.
وانهالت المكالمات على مركز اتصال أُنشئ لمساعدة الناس على إزالة الثلوج. إذ قال جوش جايغر أحد منسقي المركز لصحيفة إيري تايمز نيوز الأميركية: "كانت الهواتف ترن بلا انقطاع".
وعبرت ديان ويرس عن سخطها، وقالت "إنَّ كيلها طفح من فصل الشتاء بالفعل"، بينما كانت تقف على رصيفٍ مُغطى بالطين في أثناء انتظار إحدى الحافلات، متوقعةً حدوث الأسوأ.
وفي المناطق الواقعة غرب جبال روكي، وبينها مدينة إيري بولاية بنسلفانيا الأميركية، تراكمت ثلوجٌ بلغ سمكها أكثر من 65 بوصة (نحو 165 سم) على مدار أربعة أيام بسبب إحدى العواصف.
وقال زاك سيفكوفيتش، عالم الأرصاد الجوية لدى فرع هيئة الأرصاد الجوية الوطنية في مدينة كليفلاند، يوم الأربعاء 27 ديسمبر/كانون الأول: "هذا تساقط ثلوجٍ مُدمِّر".
وأضاف: "الثلوج ليست غريبة على سكان هذا الجزء من البلاد، لكنَّ تساقط ثلوج بهذا الكم الهائل في مدةٍ قصيرة كهذه يُعَد أمراً لم يسبق له مثيل".
وقال بعض خبراء الأرصاد الجوية، إنَّ العاصفة الشتوية التي وقعت في إيري ناتجة عن كتلة هوائية قطبية باردة متحركة فوق البحيرة، التي كانت درجة حرارة مياهها معتدلة نسبياً.
وقال أيضاً بعض راصدي الأحوال الجوية فوق أعلى قمةٍ في شمال شرقي أميركا، إنَّ درجة الحرارة وصلت إلى 34 درجة تحت الصفر، لتبلغ رقماً قياسياً في هذا اليوم، حيث أشار آدم غيل من مرصد جبل واشنطن إلى أن الرقم القياسي السابق البالغ 31 درجة تحت الصفر سُجِّل في عام 1933.
ومدينة إنترناشيونال فولز بولاية مينيسوتا وصلت درجة الحرارة بها إلى 37 درجة تحت الصفر لتتخطى الرقم القياسي السابق البالغ 32 درجة، الذي سُجِّل في عام 1924. وتُعرف هذه المدينة باسم "ثلاجة البلاد".
وانتشر على موقع فيسبوك مقطع فيديو يُظهر غيل وهو يُفرغ جرةً من المياه المغلية في الهواء، التي تحوَّلت فوراً إلى بلورات ثلجية في الرياح الباردة التي تعادل الأعاصير في قوتها.
لم تتوقف آثار سقوط الثلج الكثيف عند هذا الحد، ففي ولاية داكوتا الجنوبية، توفيت امرأةٌ تبلغ من العمر 83 عاماً بسبب تعرضها للبرد، بعد تحطُّم سيارتها وخروجها بحثاً عن المساعدة، وعثرت أطقم البحث على جثتها في أحد المصارف، يوم الأحد 24 ديسمبر/كانون الأول.
كذلك عُثِر على جثث ثلاثة أشخاصٍ في قناة على طول بحيرة إيري في وقت سابق من الأسبوع الجاري، بعد انزلاق سيارتهم عن طريقٍ جليدي.
ووصلت قساوة الطقس إلى درجة أن بعض أسماك القرش تجمَّدت حتى الموت. وأشارت "ديلي ميل" إلى أنه عُثِر على قرشين دراسيين ميتين على طول خليج كيب كود بولاية ماساتشوستس، بعدما "دُفِعا نحو الشاطئ بسبب الصدمة الباردة".
وعلى عكس الجميع الذين أبقوا أنفسهم في منازلهم خوفاً من الطقس، قفز بعض المنظمين التابعين لجماعة L Street Brownies -المعنية بالسباحة طوال العام ولا سيما في الأيام الباردة- في الماء، ساخرين من سؤالهم عمَّا إذا كانوا خائفين من الطقس.
وقال دان ماناهون لصحيفة بوسطن هيرالد الأميركية عن الحدث الذي يجتذب أكثر من 600 سبَّاحٍ كل عام، والمستمر منذ أكثر من قرن: "هذه تجربة ممتعة كما كانت دائماً، ولن نستسلم أبداً. فنحن أناس يتسمون بالعند، ومتمسكون بالتقاليد".
وفي ظل احتمالية استمرار هذا البرد القارس، فالعديد من خطط عشية العام الجديد مُعرَّضة للإلغاء.
إذ ألغت بعض المدن الساحلية في ولاية نيوجيرسي خططاً للسباحة في المياه ذات الحرارة المنخفضة في المحيط الأطلسي، وألغى المنظمون الفعالية السنوية لرمي المصابيح الكهربائية في مدينة صنبوري بولاية بنسلفانيا.
وذلك بالإضافة إلى إلغاء عروض للألعاب النارية في مدينة أوماها بولاية نبراسكا ومدينة ملاهي Six Flags Great Adventure بولاية نيوجيرسي.
وفي مدينة ملاهي "كوني آيلاند" بولاية نيويورك، سيخسر روادها فرصة الركوب المجاني لعجلة العجائب وقطار الملاهي، لأن الطقس البارد دفع المدينة إلى إلغاء فعالياتها.