انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس الموقف مناسبات شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

قوة الإشاعة: الغموض ضرب الأهمية

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/01 الساعة 00:14
حجم الخط

وصلتني على «الواتس أب» رسالة من رجل وازن ناضج رزين، تتحدث عن «أسباب مختلقة لا تصدق» لإحالة أصحاب السمو الملكي امرائنا الاعزاء فيصل وعلي وطلال على التقاعد. أرسلت ردا للرجل فوريا قلت له فيه متعجبا: وهل تصدق هذه الاشاعة البالغة الهشاشة، التي تُفصِح عن تلفيقها وتفضح ملفقها؟!

افرحتني ابنتي النبيهة رند التي كانت اكثر وعيا وأشد ثقة بي؛ فقد أرسلت لي رسالة على الواتسأب تسألني: بابا! هل هذا الخبر صحيح؟!

كان سؤالها سؤال من تشك في صحة «الخبر»، وسؤال المتروية التي لا تسارع الى إعادة ارسال الاشاعة والمساهمة في نشر الكذب والدجل والظلم والافتراء الذي فيها، وسؤال الاستنارة بمن تثق انه لا يغشها ولا يخدعها.

ليست المشكلة مع ملفقي الاشاعات وصانعي الخِدع والغارفين من الأوهام والممعنين في القبضيات والاعطيات» ولا حتى مع الجهات التي تضع الكلام في افواههم وتضع الاحبار في اقلامهم وتضع الدراهم والشيكلات في حساباتهم السرية.
ابدا. ابدا.

فنحن دولة لها أعداء وكارهون وحاسدون ولنا مغتاظون من نجاح ملكنا في ملفات كثيرة، اخرها ملف الدفاع عن هوية القدس العربية وعن حقوق شعب فلسطين العربي في دولة مستقلة متصلة عاصمتها الأبدية القدس.

مشكلتنا فينا ومعنا. نحن النخبة والقيادات الإعلامية والفكرية والسياسية والثقافية التي تصدق الاشاعات حينا، وتنطلي عليها حينا آخر. او هي لا تصدقها وتكتشف سذاجتها وخواءها، فتصمت ولا تنبري لدحضها.

لا اتحدث هنا عن الرأي العام الذي له قدوات ينتظرها ويثق بانها لا تغشّه ولا تخونه ولا تمضي هي الأخرى في خداعه كما تفعل الاشاعات، ولا اتحدث بالطبع عن الكتاب والسياسيين والصحافيين الذين يزدرون ويهملون الاشاعات المفرطة في السذاجة فلا يعلقون عليها ولا يهبونها قيمة لا تستحقها.

معلوم ان الاشاعة تسري كالنار في الهشيم على قاعدتي: الغموض والاهمية؛ فالاشاعة الأكثر سرعة في السريان هي تلك المتعلقة باشخاص مهمين، والتي تتميز بالغموض الشديد، وهي حاصل ضرب الغموض بالاهمية، ويتم اسباغ الغموض على اية إشاعة بالاحالة على «علمنا من مصادرنا الخاصة»...الخ.

إن دحض الاشاعة يفضي تلقائيا الى نزع اية ثقة من مطلقيها، ويؤدي الى ضرب اية مصداقية لمن يحملها ويروجها، من مواقع الكترونية وصحف وفضائيات واشخاص؛ لانهم يسهل خداعهم؛ ولانهم لا يدققون؛ ولانهم يحملون لنا اخبارا ملفقة.
وبالطبع فان الاشاعة لا تمضي ولا تسري دون قوة دفع محترفة، ولا تنتشر الاشاعة انتشارا واسعا الا إذا ساندتها اجهزة مختصة تنتظرها وتتلقفها وتعممها؛ ويمكن معرفة او توقع من الذي اطلق تلك الاشاعة الساذجة عندما نلاحظ من المستفيد من الاساءة الى الأردن والى دولة الامارات العربية المتحدة.

لقد تحدث رب العزة جل وسما في القران الكريم عن الاشاعة، وتحدث جل جلاله أيضا قبل 1439 عاما عن مقاومة الاشاعة!! ونهى عن تداولها واعتبر ذلك امرا عظيما. فقد جاء في سورة النور:
«إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيم». صدق الله العليم.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/01 الساعة 00:14