مدار الساعة - أصبحت الفتاة الفلسطينية عهد التميمي بشعرها الاشقر المجعد وعينيها الملونتين والتي تحاكم حاليا بتهمة ضرب مجندين بقوات الاحتلال، شخصية مكروهة في الدولة العبرية، ورمزا للمقاومة الشعبية الفلسطينية.
وتاريخ عهد في مواجهة قوات الاحتلاليعود الى طفولتها. كانت لا تزال في الحادية عشرة من عمرها عندما استقبلها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عام 2012، وكان يشغل آنذاك منصب رئيس الوزراء، بعد انتشار شريط فيديو تظهر فيه وهي تحاول منع الجيش من اعتقال طفل من عائلتها. وظهرت الطفلة في حينه وهي تمسك بجندي مع نساء من عائلتها من دون أي خوف او تردد، في محاولة لانقاذ الفتى من قبضة الجندي.
واعتقلت الفتاة في 19 كانون الاول/ديسمبر الماضي، بعد انتشار شريط فيديو آخر على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام تظهر فيه مع قريبتها نور وهما تقتربان من جنديين يستندان الى جدار منزل عائلة عهد، وتبدأان بدفع الجنديين، ثم بركلهما وصفعهما وتوجيه لكمات لهما.
ولدت عهد باسم التميمي في عام 2001 في قرية النبي صالح في الضفة الغربية المحتلة. والدها ناشط معروف يقود تظاهرات أسبوعية في قريته النبي صالح احتجاجا على استيلاء المستوطنين على أراضي القرية. وسجن لسنوات عدة.
ويصف باسم التميمي عهد ب"الخجولة"، لكن الاعلام العبري يرى انها تبحث عن "الاستفزاز" وتعرف كيفية جذب اهتمام الاعلام اليها. بين الفلسطينيين المحبطين من احتلال لا أفق له، وغياب أي أمل بالتسوية، وإعلان أميركي أخيرا بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، تحولت عهد الى احد رموز المقاومة الشعبية.
ويقول والدها لوكالة فرانس برس ان عهد "صاحبة قناعة ترفض الاحتلال بوعي ومسؤولية".
على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفها فلسطينيون وعرب ب "البطلة" وطالبوا بالافراج عنها. وبين التعليقات "كم انت عظيمة يا عهد"، "لك الله يا بطلة، أنت بألف رجل بشهامتك وكرامتك ووطنيتك. أنت فخر للفلسطينيين وهم حثالة البشرية لا يقدرون على الرجال فأصبحوا يحاكمون الصغار".
واتصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوالد عهد مساء الثلاثاء، مطمئنا الى "صحة ومعنويات الأسيرة"، و"مشيدا بها وبعائلتها المتواجدة دائما في المسيرات السلمية" في النبي صالح "ضد الاستيطان والاحتلال"، بحسب ما ذكرت وكالة انباء "وفا" الفلسطينية.
وكانت عهد تحلم بأن تصبح لاعبة كرة قدم، لكنها قررت دراسة القانون للدفاع عن عائلتها وقريتها الصغيرة القريبة من مدينة رام الله، مقر السلطة الفلسطينية. وهي حاليا طالبة في الثانوية العامة في مدرسة في مدينة رام الله.
- في الاحتلال، أثارت شعبية الفتاة التي تنتهي الخميس فترة توقيفها الاحترازي في سجن عوفر، غضبا عارما، إلى درجة كتب السفير تل أبيب السابق في الولايات المتحدة وعضو الكنيست مايكل اورن تغريدة على موقع "تويتر" عبر فيها عن شكوكه بأن يكون أفراد عائلة التميمي أقارب بيولوجيين. وقال إنه يعتقد أن العائلة تستأجر الاطفال وتلبسهم ملابس أميركية الطراز. وأثار هذا التعليق موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب الصحافي بن كاسبيت مقالا في صحيفة "معاريف" يتوجه فيه للجيش بالقول "الثمن يجب جبايته في فرصة أخرى، في الظلام، دون شهود وكاميرات". وفسر الفلسطينيون ذلك بأنه تحريض على اغتصاب الفتاة.
وسارع كاسبيت الى توضيح مقاله في مقال آخر نشره بالانكليزية، وقال فيه ان "مجموعة نادرة من الظروف وعبارة مأخوذة خارج السياق، وترجمة غير دقيقة ونية شريرة كبيرة" أدت الى فهم "اشياء لم يفكر بها ابدا".
لكن باسم التميمي يرى بشيء من الحسرة ان قضية ابنته قد تكون حظيت بكثير من الاهتمام بسبب شكل عهد الذي يشبه الاوروبيين، على حد قوله، بعيدا "عن الصورة النمطية للفلسطينيين" التي "تقدمها الدعاية الصهيونية".
ويرفض التميمي الرد على اتهامات وسائل الإعلام والمسؤولين ، قائلا "لسنا مضطرين للرد عليهم او الدفاع عن أنفسنا"، ساخرا من كل الكلام عن لون شعرها وبشرتها.
وستمثل الفتاة الخميس أمام محكمة عوفر العسكرية للنظر في تمديد اعتقالها.
ويظهر شريط الفيديو ان الجنديين المسلحين لم يردا على الفتاتين، وتراجعا الى الخلف.
وترتدي عهد كوفية فلسطينية في شريط الفيديو، بينما تدفع الجنديين على سلم منزلها، وتحاول مع قريبتها ووالدتها ناريمان (43 عاما) طردهما من أمام المنزل.
ا ف ب