انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة

اسئلة التعديل : منتظمون في الدولة ام منظمون فيها ؟

مدار الساعة,مقالات مختارة,الانتخابات النيابية
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/17 الساعة 00:44
حجم الخط

منذ اليوم الاول , كان واضحا حجم الفجوة بين اعضاء حكومة هاني الملقي وانتظار الرئيس كل هذا الوقت لاجراء تعديل كان موضع تساؤل عن قدرته ورغبته والمسافة بينهما , وبعد ان اعاد الرئيس الملقي تشكيل حكومته بعيد الانتخابات النيابية ظل السؤال قائما عن سرّ استمرار الفريق غير المتجانس وظل سؤال القدرة والرغبة حاضرا في اذهان المراقبين , بل كان السؤال يزداد كلما سمعنا تصريحا من احد نواب الرئيس او من الوزراء القدامى الذي يتناقض مع سلوك الحكومة وتصريحات رئيسها , وصار واضحا ان الفريق الحكومي منقسم الى فريقين احدهما مع الرئيس وفريق آخر يسير برغبته او بسند من خارج الدوار الرابع .
كل ذلك كان واضحا ولكنه غير مالوف , فالسلوك الاردني كان يشهد تنافرا او تجاذبا بين الحكومة كجسم واحد وبين حكومات افتراضية تسكن خارج الدوار الرابع , بل ان هذا التنافر بين اضلاع مثلث السلطة كان مألوفا وكثيرا ما كان يفضي الى رقابة ثلاثية بين اضلاع السلطة وصورة واضحة عند صاحب القرار , وكثيرا ما سمعنا عن ضياع الولاية العامة او انتقالها الى جهة غير ذات صفة ونعجز عن محاسبتها , اما ان يكون الجسم الحكومي متنافر ويغمز بعضه على بعضه فتلك كانت سابقة شديدة الوضوح في حكومة الملقي ويبدو انه اجتازها اليوم بفريقه الجديد الذي لا يقل استقلالية عن سابقيه , على فرض ان استقلالية بعض الوزراء السابقين قد اطاحت بهم ولكن السبب غير ذلك تماما حسب المشهد , فلو كانت الاستقلالية هي السبب لما جاء الملقي بالاسماء التي جاء بها وكلها اسماء معروفة باستقلاليتها حد العناد .
الواضح اننا نعيش مخاضا مسلكيا جديدا في السياسة ولا اقول مخاضا سياسيا , منذ شهر تشرين الثاني من العام 2010 , حين صحت الميادين والساحات العربية في الشتاء على احلام الربيع العربي , وكان المخاض حاميا ولكنه مخاض لحمل كاذب , فالتغيير يتطلب هوية جامعة وقوى سياسية منضبطة ببرامجها النقيضة للبرامج القائمة او للاحزاب الحاكمة وهذا لم يكن موجودا فقطف ثمار الحمل الكاذب احزابا كانت موجودة بالاصل ومصابة بنفس فيروسات الاحزاب الحاكمة وهي من لون واحد ونمت وترعرعت في غرف الانظمة او على حوافها واحيانا في غرف سريّة , تغضب الانظمة منها فتكشف سترها او ترضى عنها فتتركها تنعم في الخفاء بما تريد .
فافرزت تلك الحقبة شخصيات متفردة تستمد قوتها من ذاتها وليس من البناءات الاجتماعية القائمة داخل الجغرافيا الوطنية وبعضها حصل على دعم خارجي , فصار البناء الذاتي هو المحرك ونمت الانا الذاتية بقوة في ظل تراخي الدولة وتراجع هيبتها وبات كل فرد يرى نفسه دولة بذاته او ناطقا باسم الدولة وجموعها البشرية , ومثلما كانت كل مجموعة تصنع لنفسها اسما حراكيّا , صنعت كل شخصية لذاتها اسما معنويا وسياسيا وصارت تنظر الى الآخر – اي آخر – بفوقية , فالكل يملك مفاتيح الجنة الموعودة والكل يمتلك الاجابات على كل الاسئلة ونظرية الفريق الموحد سقطت منذ ان اعلنت كل حارة حراكها الخاص وشعارها الخاص وزعيمها المتوج بالبطولة والرأي السديد , تلك كانت اول ارتدادت الربيع العربي وانعكاساته على المشهد الداخلي وكانت اول تجلياته العزف المنفرد لمعظم الشخصيات السياسية والبيروقراطية التي لم تألف اساسا العمل الحزبي المنظم بل كانت منتظمة تحت هيبة الدولة وليس بفعل التنظيم الذاتي .
كثيرون ينتظرون اول تعبير للحكومة المجددة وينتظرون عودة التناغم الى عقلها الجمعي وينتظرون ابتكاراتها للخروج من الشق الضيق الذي نحن فيه حتى لا يتحول حبل التعديل الذي مارسه الرئيس برغبته الى حبل الاختناق .
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/17 الساعة 00:44