أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات شهادة مناسبات جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الدعجة يكتب: الانتصار للقدس في الجمعية العامة

مدار الساعة,مقالات,الأمم المتحدة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كتب .. د . هايل ودعان الدعجة

بلغ تحدي الولايات المتحدة للشرعية الدولية بان لا تكتفي باستخدام الفيتو عشرات المرات لاجهاض جهود المجتمع الدولي ضد الغطرسة الإسرائيلية ، بل ذهبت في تحديها الى ابعد من ذلك عندما اختارت الانحياز كطرف في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الى جانب هذه الغطرسة باعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ، القوة القائمة بالاحتلال ، ليوجه بذلك ضربة قاسمة لجهود الأمم المتحدة وللعملية السلام التي من المفترض ان ادارته هي الوسيط والراعي لها ، وليضع العالم كله بدائرة القلق على مستقبل المنظومة الدولية المنضوية تحت مظلة الأحادية القطبية الأميركية التي باتت تمثل مصدر هذا القلق في ظل مخالفتها وانتهاكها للقواعد والمعايير التي تضبط حركتها من خلال القوانين والقرارات الصادرة عن المؤسسات والمنظمات الدولية التي يقع على عاتقها مسؤولية حماية هذه المنظومة ، بما يضمن تحقيق الامن والسلم الدوليين ، كمجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومنظمة اليونسكو وغيرها من المؤسسات التي تمثل الشرعية الدولية ، التي لا تعترف بسيادة الكيان الاسرائيلي على القدس المحتلة ، ولا باجراءاته التي تهدف الى تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في هذه المدينة المقدسة واعتبارها باطلة ولاغية وغير قانونية ، وهي من قضايا الوضع النهائي التي يحسم أمرها بالتفاوض .

لقد تسبب قرار الرئيس ترامب الاستفزازي وغير المسؤول في دخول الولايات المتحدة في أكثر من مواجهة إقليمية ودولية خاسرة ، تمثل في غالبيتها أطرافا حليفة وصديقة لها أبت الا ان تنتصر للقيم والمبادئ التي أمنت بها وأعتمدتها أرضية قيمية واخلاقية دولية في مسارها الدولي ، وبصورة جعلت الإدارة الأميركية تشعر بالوحدة والعزلة على وقع هذه الخسائر ( الرمزية ) المتتالية ، التي نالت من هيبتها ومكانتها جراء خطوتها المتهورة التي انعكست سلبيا على حضورها في المشهد العالمي ، لدرجة ان تاهت بوصلتها وهي تسعى الى رد اعتبارها وحفظ ماء وجهها في الساحة العالمية ، عندما خانتها حساباتها وتقديرها في كيفية كسب أصوات دول العالم الى جانبها في معركتها الأممية الأخيرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، والتي خسرتها بأغلبية 128 صوتا ( دولة ) لصالح قرار الجمعية الذي يدعو الى سحب قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل .

حيث هددت وتوعدت الدول الأعضاء في الجمعية العامة بقطع المساعدات المالية التي تقدمها لها ان لم تقف الى جانبها في عملية التصويت ، متجاوزة بهذه الخطوة المهينة والاستفزازية غير المعهودة وغير المسبوقة ، كل الأعراف والقيم والتقاليد التي تحكم العلاقات الدولية ، دون ان تدرك حجم الإساءة والاهانة التي وجهتها لدول العالم ، عندما طعنتها في كرامتها وكبريائها عبر هذا الأسلوب المهين المستوحى من بيئة الصفقات التجارية التي تسيطر على عقيلة الرئيس ترامب في تعاطيه مع المجتمع الدولي .

والذي لم يكن يدرك ايضا انه بقراره غير المسؤول الذي استهدف أولى القبلتين وثالث الحرمين التي تعتبر من اهم الأماكن المقدسة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة عند الدول العربية والإسلامية ، قد تحول الى خصم لها باستفزازه مشاعر شعوبها ، التي لن تغفر له ارتكاب هذا الخطأ التاريخي بحق هوية المدينة المقدسة العربية والإسلامية والمسيحية والتاريخية . حتى انه تمادى وتجاوز حدوده عندما تجرأ على التفكير بمساومة هذه الدول على قضيتها المقدسة مقابل الأموال والمساعدات التي يقدمها لها ، ظنا منه بانها صفقة تجارية !! . متجاهلا في الوقت نفسه ان تقدمه بلاده من مساعدات مالية واقتصادية وعسكرية الى دول حليفة وصديقة ، انما تقتضيها طبيعة التحالفات والمحاور والعلاقات التي تقيمها الولايات المتحدة تحقيقا لمصالحها ، وتماشيا مع ضرورات ومتطلبات المنافسة للبقاء متربعة على قمة المنظومة الدولية ، بهدف تعزيز حضورها وتوسيع مناطق نفوذها في الساحة الدولية من خلال اقامة قواعد عسكرية ومطارات وموانئ وشراكات اقتصادية ومؤسسات تعليمية وثقافية وغيرها ، والتي هي بمثابة الثمن الذي عليها دفعه لضمان تواجدها قريبة من تحقيق مصالحها ومصادر قوتها في مناطق مختلفة من العالم من منطلق ان السياسة مصالح . والا فان المجال سيكون مفتوحا لاطراف دولية أخرى لإقامة تحالفات وتكتلات وشبكة علاقات دولية تجعلها قادرة على منافستها على القيادة الدولية . ما يعني ان الولايات المتحدة تقوم بتقديم المساعدات للكثير من الدول من اجل مصالحها .

ولكنها عندما ارادت إهانة هذه الدول في الجمعية العامة قبل يومين والتأثير في خياراتها التصويتية على قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل بصورة مخالفة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة ، انتفضت هذه الدول وانتصرت للقدس ولكرامتها ولمواقفها وللارادة الدولية ، لتقدم للولايات المتحدة درسا في أصول التعامل في الساحة العالمية .

مدار الساعة ـ