مدار الساعة - حازم عكروش - يحتفل العالم باليوم الدولي لمكافحة الفساد الذي أقرته الأمم المتحدة عام 2003 كون الفساد جريمة خطيرة وظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة، تؤثر على جميع البلدان وبوصفه من اكبر العقبات أمام تحقيق اهداف التنمية المستدامة.
وتهدف الأمم المتحدة من هذا اليوم الى نشر الوعي بمشكلة الفساد ودعوة الشعوب للانضمام الى الحملة العالمية للتوعية به، وحث الحكومات والقطاع الخاص والأفراد للتصدي سوية لهذه القضية من خلال تغيير مواقفهم إزاء المشكلة واتخاذ إجراءات بشأنها، على اعتبار ان الفساد يعرقل نهضة الشعوب والمجتمعات والأمم، ويضعف نظم التعليم والصحة، ويقوّض العمليات الانتخابية وفي الاردن فقد اطلقت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد استراتيجية وطنية للنزاهة ومكافحة الفساد للأعوام 2017-2025 بهدف تجفيف منابع الفساد وإغلاق منافذه وتفعيل منظومة النزاهة الوطنية، وكذلك لتفعيل منظومة النزاهة الوطنية وترسيخ معايير ومبادئ النزاهة لإيجاد بيئة وطنية مناهضة للفساد و تهيئة البيئة الوطنية للمشاركة في مكافحة الفساد من خلال التوعية للمجتمع والمؤسسات والأفراد والوقاية من الفساد بتجفيف منابعه وتطويقه وإغلاق منافذه وعزله والحد من آثاره من خلال العمل الاستباقي الفعّال .
وتحرص الهيئة بحسب بيان في هذا اليوم الى التعاون والتنسيق مع الأجهزة الوطنية الموازية كديوان المحاسبة وهيئة الأوراق المالية، إضافة الى وحدة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، دائرة مراقبة الشركات، مؤسسة المواصفات والمقاييس ودوائر مكافحة التهريب ومكافحة الجريمة والمخدرات والتهرب الضريبي والجمركي ووحدات الرقابة الداخلية في الإدارات الحكومية، للحد من مشكلة الفساد.
وتتلقى الهيئة شكاوى المواطنين وتظلمات المتضررين من قرارات الإدارة العامة سواء أكانوا موظفين أم مواطنين إضافة إلى التحري عن الفساد المالي والإداري بكل أشكاله، وجمع الأدلة والمعلومات الخاصة بذلك ومباشرة التحقيقات والسير بالإجراءات القانونية اللازمة مع ملاحقة كل من يرتكب أياً من أفعال الفساد، وحجز أموال الفاسدين المنقولة وغير المنقولة ومنعهم من السفر بقرار مستعجل من الجهة القضائية المختصة.
وتعمل الهيئة على التأكد من قيام مؤسسات الرقابة على القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بوضع معايير الحوكمة الرشيدة وسلامة تطبيقها، وقد منح القانون مجلس الهيئة سلطة تقديم وطلب المساعدة القانونية الدولية في مجال مكافحة الفساد ومن خلال القنوات الرسمية .
واعتبر قانون الهيئة "فساداً كل فعل أو امتناع يؤدي إلى هدر الأموال العامة أو بأموال الشركات المساهمة العامة أو الشركات غير الربحية أو الجمعيات، وكذلك إساءة استعمال السلطة وقبول موظفي الإدارة العامة للواسطة والمحسوبية التي تُلغي حقاً أو تحق باطلاً إضافة إلى جرائم الفساد الواردة في الاتفاقيات الدولية التي صادقت المملكة عليها".
الفاعوري : الفساد يؤثر على النمو الاقتصادي والاستثمار وبهذه المناسبة قالت أستاذة الاقتصاد في جامعة آل البيت الدكتورة رغدة الفاعوري ان الفساد يؤثر بشكل كبير على النمو الاقتصادي والاستثمار ويزيد التكلفة على المستثمر، ما يسهم في هروب الاستثمارات، كما يضعف الثقة بمؤسسات الدولة مما يعني انخفاض الدعم الدولي ذاته او انخفاض كفاءته، كما يعمق الاختلال في توزيع الدخل بين فئات المجتمع.
وتشير الى تقرير منظمة الشفافية الدولية، إذ يظهر أن معظم الدول العربية لم تحرز تقدما في المؤشر حيث أنّ 90 بالمئة منها، حصلت على الدرجة اقل من 50 باستثناء دولتين فاقت المتوسط على الرغم من تراجعهما ايضا.
وتؤكد الفاعوري صعوبة القضاء على الفساد بشكل تام، إلا أنه يمكن التخفيف من حدة آثاره على الاقتصاد ككل والاستثمار بشكل خاص، لافتة الى أنّ مكافحة الفساد تتمثل بجانبين، الأول وقائي وهو اغلاق الفجوات التي تسمح للفساد بالتبلور والنمو، ومن ثم اجتثاث جذوره وهو يتطلب اعادة النظر في القوانين والانظمة الحالية وسد الثغرات الموجودة، والثاني علاجي ويتمثل بتغليظ العقوبات على الفاسدين، خاصة ان الفساد اصبح ممنهجا ومتطورا وعابرا للقارات، ما يتطلب تحديث ومواكبة القوانين والانظمة وفق المستجدات الدولية وانعكاساتها محليا.
وتقول إنه يمكن التخفيف من حدة آثار الفساد على الاقتصاد من خلال اتباع مجموعة من التدابير بما فيها التأكيد على الشفافية وحرية الوصول الى المعلومات الخاصة بالاستثمار من ناحية حجم الاستثمارات وكلفها الحقيقية، وكذلك التوجه الى اتمتة العمليات والاجراءات الخاصة بالاستثمار لتخفيف التدخل البشري قدر المستطاع خصوصا في مجال التهرب الضريبي والجمركي، وتعزيز مدونات السلوك الوظيفي خصوصا للعاملين في مجال الاستثمار، ومراجعة منظومة المتابعة والتقييم عن طريق اجراء تقييم دوري للمؤسسات التي يتعامل معها المستثمر بشكل مباشر ونشر نتائج هذا التقييم بشكل دوري من خلال مسوحات دورية على غرار المسوحات الدولية.
ودعت الفاعوري إلى تقييم استراتيجيات مكافحة الفساد في الأردن والرقابة والنزاهة بشكل كفؤ وفعال، والاستفادة من الدعم الدولي المقدم، خصوصا في الجوانب الفنية المتمثلة بصياغة الاستراتيجيات والانظمة والقوانين وبناء القدرات في مجال مكافحة الفساد وتعزيز دور القضاء واستقلاليته وتعزيز الثقة به.
الحوامدة: ضعف الاجهزة الرقابية يزيد من الفساد وقال نائب رئيس جامعة مؤتة للشؤون الادارية وخدمة المجتمع في جامعة مؤتة الدكتور نضال الحوامدة ان من أهم أسباب تشكل منظومة الفساد والرشاوى في المؤسسات ضعف الأجهزة الرقابية الداخلية في كل مؤسسة وضعف دور مؤسسات المجتمع المدني وعدم مبادرة المواطن (المراجع ) لتقديم شكوى بحق الموظف اضافة لحماية بعض المدراء للمرتشين .
وأضاف، ان تقييد الوصول للمعلومات وعدم معرفة المواطن بالتعليمات التي تتطلبها المعاملات وعدم توفر دليل توضيحي للمؤسسة يشتمل على المعلومات والاجراءات التي تتطلبها معاملات المواطنين، يساهم بشكل كبير في ازدياد وتعمق المشكلة، مشيرا الى أن مواجهة هذه المشكلة تتطلب تشريعات صارمة ومعاقبة المرتشين وتحويلهم للقضاء لمحاسبتهم ونشر اخبارهم ليكونوا عبرة لغيرهم، إضافة الى تعزيز الوازع الديني والتربوي والاخلاقي.
صويص: الفساد يقلل من الانتاجية وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عودة صويص ان الفساد يعتبر من المنظور الاقتصادي التنموي كلفا اضافية تحمل الاقتصاد والاستثمار اعباء جديدة تؤثر على المردود والربحية ويعتبر من الأحمال الزائدة خلال عملية تنفيذ الإنفاق الحكومي والموازنات العامة .
واكد صويص أن الفساد يوثر على النسيج الاجتماعي المحكوم بقيم ومنظومة أخلاقية ودينية، وبالتالي فإن ما ينتج عن الفساد من تغليب للمصلحة الضيقة والشخصية ينعكس سلبا على المصلحة العامة ويسبب ضررا كبيرا للمجتمع ويخلق طبقة اجتماعية لها مصلحة في الدفاع عن الفساد، وهذا له انعكاسات على النسيج الاجتماعي وقيم المجتمع في المدى البعيد.
واعتبر ان مواجهة المشكلة تتطلب تشديد العقوبات واجراء اصلاحات ادارية ومالية من خلال التركيز على البعد الثقافي والقيمي للفرد، واعادة التوعية بأهمية تغليب المصلحة العامة على الشخصية.