انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

نهاية رئيس

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/06 الساعة 03:38
حجم الخط

نهاية الرئيس اليمني السابق (علي عبد الله صالح) نهاية محزنة وبائسة وتحمل قدراً من البشاعة توازي نهاية الرئيس الليبي السابق معمر القذافي قبل ست سنوات، وهذه النهايات تلخص مشهد الفوضى العارمة التي تجتاح البلدين، وهي لا تختلف كثيراً من المشاهد في أقطار عربية عديدة وإن اختلفت النهايات لرؤسائها وأنظمتها والسلطات الحاكمة فيها.

نهايات الرؤساء العرب على هذا النحو هي فصول مرحلة عربية كاملة مضى فيها ست سنوات، وربما تمتد بضع سنوات أخرى تمثل نهاية حقبة عربية توازي نصف قرن من الزمن كانت تمثل زهرة المد القومي في أغلب الأقطار العربية في العراق وسورية ومصر وليبيا واليمن، وأقطار أخرى مرشحة للفوضى أو للتعبير على وجه من الوجوه لأنها تتشابه من حيث جوهر طريقة الحكم وإدارة الدولة مع بعض التباينات والفوارق البسيطة التي لا تغير من حقيقة المشهد العربي كثيراً، فهو مشهد عربي بائس يقوم على حكم الرجل الواحد أو حزب الرجل الواحد، التي غيبت شعوبها فترة طويلة من الوقت، واستمرأت هذا الغياب الذي أدى إلى ظهور أجيال مغيبة عن واقعها وجعلت من المنطقة العربية منطقة متخلفة عن الركب الحضاري الإنساني سياسياً واقتصادياً وعلميّاً.

سقوط الرؤساء والأنظمة الحاكمة في كثير من الأقطار العربية يمثل ثمرة طبيعية للواقع العربي البائس، ومن يزرع الشوك لا يجني العنب، إذ أخذت هذه الانظمة فرصتها الكاملة من أجل بناء بلدانها بطريقة صحيحة، وكان بإمكانها بناء ديمقراطيات صحيحة قادرة على تحقيق المشاركة الشعبية والجماهيرية الحقيقية، واحداث تنمية شاملة واستنبات بذور التكنولوجيا واحداث نهضة معرفية كبيرة تمكن الأجيال من الامساك بناصية العلم والتقنية المطلوبة لتحقيق الانجازات الحضارية القادرة على المنافسة في حلبة الصراع والتنافس العالمي.

مكث القذافي ما يقارب (42) عاماً، ومكث علي عبد الله صالح (35) عاماً، وهذا ينطبق على جملة كبيرة من الرؤساء العرب الذين قضوا عقوداً في السلطة، وأورثوا بلدانهم فقراً وتخلفاً مزرياً على جميع الأصعدة وفي كل المجالات، فمن الشئ الطبيعي أن يؤول النظام الرسمي العربي إلى هذه المآلات، ومن الشئ الطبيعي أن تجري عليهم قوانين الدهر وعوامل التغيير الحتمي.

كما بدأت مرحلة عربية جديدة مع بدايات القرن الماضي عندما سقطت الأمبرطورية التركية، فنحن أمام مرحلة جديدة في بدايات القرن الواحد والعشرين أيضاً، وقد يستغرق هذا التغيير عقداً من الزمن، ولكنه تغيير حتمي قادم لا يرحم توسلات الضعفاء ومن لم يأخذ بأسباب البقاء وعوامل الديمومة، وان تفاوتت حجوم الفوضى وعدد القتلى واللاجئين، وحجوم المعاناة والضغوط السياسية من كل الأشكال والألوان.

سقوط علي عبد الله صالح لا يعني بصلاحية ميليشيات الحوثي للحكم، ولن يكونوا قادرين على إحداث النهضة، لأن الاستيلاء على الحكم بالقوة ليس هو الطريق ولن يشكل تغييراً قابلاً للبقاء والديموم، ولا أي فريق آخر يفكر بانتزاع الحكم بالقوة أيضاً مهما كان مذهبه ورأيه واتجاهه السياسي، لأن المطلوب أن يعاد الأمر للشعوب وأن يتم تمكينها من الاختيار الحر النزيه الذي يعبر عن إرادة جماهيرية جماعية حقيقية بعيدة عن كل وسائل الخداع والتدليس، وبعيدة عن منطق البيع والشراء والأعطيات والشرهات المعروفة.

هذا التعبير وهذه النهاية ليست مقتصرة على الأنظمة والسلطات الحاكمة وإنما تشمل كل المنظومات المصاحبة على الصعيد السياسي والاجتماعي، وعلى الصعيد الحزبي التقليدي القديم الذي نشأ في ظل هذه التركيبة السياسية، ولذلك يجب أن نعلم جميعاً أنه لا بد من الاستعداد لمقتضيات المرحلة الجديدة المختلفة التي تقوم بجوهرها على دور الشعوب، والعاقل من اتعظ بغيره.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/06 الساعة 03:38