مدار الساعة - كتب: محرر الشؤون السياسية - تأتي اللحظة الحاسمة التي يحذر فيها جلالة الملك عبدالله الثاني من تداعيات وارتدادات القرار الاميركي بنقل السفارة الاميركية الى القدس المحتلة، باعتبار القرار سينسف عملية السلام التي يؤمن بها العالم وليس العالم العربي الاسلامي، فحسب.
هذا التحذير، وغيره من التحذيرات التي وجهها الاردن بقيادة جلالته، لم يكن وليد اليوم أو وليد الصدفة وإنما منذ سنوات، وهو الذي لاقى ترحيباً دولياً وجعل الجهود الاردنية والعربية والدولية تسير في جعل قضية القدس قضية لا يمكن المساس بها، وهي خط أحمر كما كان يقول جلالته في خطاباته ولقاءاته مع زعماء العالم ومنهم زعماء الولايات المتحدة الاميركية.
لقد ظل الملك الصوت الواضح الذي يناشد وينادي به في الاوساط الدولية وبأن من يحاول العبث بالعملية السلمية وتهديد المقدسات الدينية على ارض القدس الشريف والارض الفلسطينية سيكون امام استنكار الرأي العام العالمي، لا بل انه لن يتوقف عند حدود الشجب والادانة بقدر ما يجعل العالم كله في حالة فوضى واضطراب، وليس على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
واذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب اخذه الحماس في اتخاذ هذا القرار الخاطئ والمدان من قبل العالم وحتى على المستوى الأميركي وساستها، فإن حماسته ستجلب للعالم والمنطقة النار الى الهشيم ، فالعالم العربي والاسلامي ومعه العالم الذي يؤمن باستقلال وحرية الدول وشعوبها على اختلاف اجناسها وهوياتها ودياناتها لن يقبل بهذا القرار المجحف بحق اصحاب الحق والمنحاز كلياً الى دولة الاحتلال على حساب حقوق ومشاعر عامة المسلمين والمسيحيين وكل من يؤمن بوحدة الأديان والعيش بأمن واشاعة السلام العالمي.
ان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وما يحاول الرئيس الاميركي تسويق قراره اللامسؤول والذي لا يقبله العقل والمنطق، انما هو قرار يخالف جميع المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة والتي أكدت منذ احتلال اسرائيل للارض عام 1967 بأن القدس وما فيها من مقدسات دينية ليست ارضاً محتلة بل هي ارض متنازع عليها وان السلام بين اسرائيل والعرب لن يكون بمعزل عنها الا بانتهاء الاحتلال الاسرائيلي للأرض المحتلة والانسحاب منها والعودة الى ما كانت قبل عام هذا الاحتلال.
لقد جاء تحذير الملك عبدالله في هذا الاتجاه وما اتصالاته السابقة واللاحقة والآنية الا بمثابة حالة استنفار عالمي ضد القرار وضد من يحاول ترويجه وهو القرار الذي يموج في رؤوس القيادات الاسرائيلية والحركة الصهيونية ومن يساند اسرائيل في احتلالها الغاشم، ولأن غير هذا الاتجاه، فإن مصير عملية السلام بين الدول الموقعة لها واسرائيل سيكون في مهب الريح، وبالتالي ستكون المنطقة برمتها ومناطق اخرى من العالم امام مصير مجهول، لن تضبطه الدول مهما تمتلك من قوة.
مطلوب من دول العالم المحبة والراعية للسلام ان يكون لها موقف رافض بقوة لمثل هذا القرار اذا ما اتخذ بشكل رسمي، والا فإن العالم بأسره سيتحمل مسؤولية ستكون هي الأولى من نوعها وأكثر تهديداً له ولمصالحه وشعوبه، اذ كان يفترض ان لا يسارع الرئيس الأميركي ترامب ومن يشجعه الى هذا التفكير غير المقبول، وانه اكتسب كرئيس دولة تجربة مما يحدث على الكرة الارضية من حرائق وحروب التهمت الأخضر واليابس وانتجت عناصر هددت الحياة الانسانية وهي تعيث في الارض فساداً وتدميراً وتهدد الأمن والاستقرار في اي بقعة من بقاع العالم، في وقت ظل العالم ينظر الى اميركا كدولة عظمى راعية للسلام العالمي، وتدعو الى حرية الشعوب و ديمقراطيتها.