مدار الساعة - تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" لإجابات الأردنيين على سؤال وردت نتائجه بدراسة "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً"، حول تأييد الزامية نسب الطفل الناشئ عن جريمة جنسية إلى أبيه إذا ثبت نسبه إليه علمياً بغض النظر عن الحالة الزوجية حيث أجاب 78% منهم بنعم على الزامية نسب الطفل الناشئ عن جريمة جنسية إلى أبيه إذا ثبت نسبه إليه علمياً بغض النظر عن الحالة الزوجية ولم تظهر البيانات اي فروقات معنوية بين نسب الأفراد حسب الفئات العمرية والمستويات العلمية وعلاقتهم بمؤسسات المجتمع المدني فجميعهم بغض النظر عن العمر المتعلمين منهم والاميين، المتطوعين الناشطين وغير الناشطين والموظفين أجمعوا على تبني الخيار المذكور، في المقابل بلغت نسبة الأردنيين الذين أجابوا بلا 10.7% فقط.
علاوة على ما سبق فان 40% من الأردنيين يؤيدون بقاء الحمل وإستمراره مع إلزامية إثبات نسب الطفل إلى أبيه الجاني في حال نتج عن الجريمة المرتكبة حمل الضحية، ولم تكن هناك أي فروقات معنوية بين نسب الأفراد حسب الفئات العمرية فواحد من كل ثلاثة منهم بغض النظر عن العمر يؤيد بقاء الحمل وإستمراره وإلزامية إثبات نسب الطفل إلى أبيه في حال نتج عن الجريمة المرتكبة حمل الضحية.
وتؤكد "تضامن" على أن المطالبة بإلغاء نص المادة 308 من قانون العقوبات الأردني لم تأت من فراغ أو لمجرد الرغبة في التغيير بل جاءت نتيجة التعامل مع عدد كبير من النساء والفتيات الناجيات من الجرائم الجنسية ومع أسرهن والتعرف على معاناتهن وعلى ما تعرضن له من ضغوط معنوية ونفسية عائلية ومجتمعية وبما فيه ضغوط ذوي الجاني، علاوة على تعرضهن للتهديد بالقتل والحبس بموجب قانون منع الجرائم لحمايتهن.
بعض المجني عليهن أنجبن أطفالاً إعتبروا غير شرعيين وتم تسليمهم إلى مؤسسات الرعاية ليشكلوا جيلاً من أطفال يعانون مشكلات غير إنسانية لا لسبب إلا الجريمة التي إرتكبها آباء ينكرونهم ويتخلون عنهم بإسم القانون وبحكم القانون ، حيث رضخت غالبيتهن للضغوط والخيارات التي يوفرها ويتيحها قانون العقوبات النافذ، ويباركها بل ويسعى إليها المجتمع التقليدي، وهي فرص وتسهيلات مكنت الجناة بالنتيجة من الإفلات من العقاب ووضعت الضحايا في زاوية الرضوخ إلى إرادة الآخرين وتغليب مصالحهم على مصلحتها وهي خيارات مفروضة بالإكراه في حقيقتها - حتى ولو غُلفت برضا شكلي أو ورقي أو تخجيلي – إكراهات أدت إلى زيجات غير قائمة على أسس صحيحة وغالباً ما إنتهى الأمر فيها بالمرأة مهجورة أو مطلقة أو ضحية للإستغلال والعنف وسوء المعاملة.
وأشارت ورقة الموقف التي قدمتها "تضامن" بناءاً على نتائج الدراسة والتي تبناها التحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 الى ضرورة إجراء تعديل على نص المادة 157 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المؤقت رقم 36 لعام 2010 والتي تنص على أنه :" أ- يثبت نسب المولود لأمه بالولادة. ب- لا يثبت نسب المولود لأبيه إلا: 1- بفراش الزوجية أو، 2- بالإقرار أو، 3- بالبينة أو، 4- بالوسائل العلمية القاطعة مع إقترانها بفراش الزوجية."
إن النص الحالي لا يمّكن ضحية جريمة الإغتصاب من إثبات نسب الطفل الى أبيه الجاني حتى لو ثبت نسبه اليه علمياً وذلك لعدم إقتران الوسائل العلمية ومنها فحص DNA بفراش الزوجية، وإن هذا النص بشكله الحالي يجبر المجني عليها ويكرهها في بعض الحالات الى قبول تزويجها من الجاني بهدف إثبات نسب الطفل الى أبيه الجاني.
وتقترح ورقة الموقف تعديلاً تشريعياً على نص المادة 157 من قانون الأحوال الشخصية بحيث تصبح كالتالي :" أ- يثبت نسب المولود لأمه بالولادة. ب- لا يثبت نسب المولود لأبيه إلا: 1- بفراش الزوجية أو، 2- بالإقرار أو، 3- بالبينة ومنها الوسائل العلمية القاطعة أو، 4- بموجب حكم قطعي صادر عن المحكمة المختصة بإدانة الأب بجريمة جنسية نشأ عنها حمل الأم المعتدى عليها."
إن قصة جميلة (إسم مستعار) وعمرها 14 عاماً وهي قصة حقيقية تجسد معاناة ضحايا جرائم الإغتصاب مع نسب أطفالهن، وتتحدث عن معاناتها فتقول :"وبالنتيجة حولوني لادارة حماية الاسرة كوني قاصر وحامل ولا يوجد عقد زواج بيننا وهناك أخبرتهم بكل قصتي وبالتفصيل، فتم تحويلي لاحدى دور الرعاية الاجتماعية، أما هو فقد تم تحويله لمركز الاصلاح والتأهيل بتهمة مواقعة قاصر وتمت محاكمته وصدر عليه حكم (20 عاماً) وتم ترحيله الى سجن سواقة."
وتكمل جميلة :"وهنا بدأت قصتي بالتعقيد أكثر فأكثر "طفلة حامل في دار رعاية للأحداث بتهم وجنح مختلفة "، بالمحصلة أنجبت إبني (***) وانا لم أكمل الرابعة عشرة من عمري ووالدة عندما يخرج من السجن سيكون عمر إبني 20 عاماً، والخاسر الاكبر في هذه الحكاية هو طفلي. وكذلك أخبرتني الأخصائية الإجتماعية أنهم بعد الولادة أودعوا طفلي في مؤسسة الحسين الإجتماعية لرعاية الأطفال مجهولي النسب، وأيضا أنني لن أتمكن من ضمه لي الا إذا أحضرنا عقد زواج صحيح ورسمي وأنا عمري لا يسمح بذلك فما العمل ؟؟
وتضيف جميلة :"ما يهمني هو أن أحتضن طفلي فأنا لم أراه أبداً بعد الولادة، هذا الطفل لا ذنب له الا أنه إبن لنا نحن الاثنين.. لم يسمحولي بإرضاعه ........ أشعر بالحزن الشديد عليه وتنتابني حالات من الإكتئاب .. أفكر بالإنتحار إن لم يرجعوا لي طفلي."
لا تختلف قصة جميلة عن قصة منى (إسم مستعار) وهي ضحية جريمة إغتصاب وتم تزويجها من الجاني وفق المادة 308، فتقول :" لكن للاسف وبواقع الحال إنتقلت من مرحلة سيئة لمرحلة أكثر سوء، فقد أصبحت تحت يده وبعقد شرعي يرتب له حقوقاً قانونية وإجتماعية وأسرية وجنسية و...الخ، وهو كان يدرك أكثر مني متطلبات هذه المرحلة لذلك عمد الى أذلالي وأهانتي بل وإحضار النساء الى المنزل بالإضافة الى ضربي وإيذائي لدفعي لطلب الطلاق والتنازل عن كافة حقوقي الزوجية."
وتكمل منى قصتها :"وفي تطور لافت لتداعيات قصتي ولقلة خبرتي ومحدودية معلوماتي وعلاقاتي ولإدراكه بحالة الضعف التي أعيشها ورغبتي الجامحة بتثبيت نسب طفلي، وبلحظة ضعف.. غباء ..غياب المنطق والعقل " سمه ما شئت " فاوضني وأقنعني بالذهاب معه للمحكمة الشرعية وطلب الطلاق الودي وأنه لاحقا بعد موافقتي على الطلاق الرضائي سيقوم بمتابعة إجراءات تثبيت نسب الطفل، وبالفعل تم الطلاق بناء على الإتفاق وصرحت أمام القضاء بأنني أتنازل عن كافة الحقوق الشرعية مقابل الطلاق، وكل تلك الإجراءات تمت بمعزل عن معرفة أهلي " استفرد بي" وكانت الصدمة أنه تنصل لاحقاً من وعوده بإثبات نسب الصغير له، وخسرت كل حقوقي الزوجية وفوق ذلك تدمرت علاقتي بعائلتي لأنني خضعت له وتنازلت عن كل شيء وطنشت عيلتي بدون أي اعتبار لهم.:
وتضيف "منى" ولا زلت حتى تاريخ هذه المقابلة في تضامن "أركض من منظمة لمنظمة ومن جمعية حقوق إنسان لجمعية حقوق مرأة " وبدون فائدة عدت مؤخراً لرفع قضية إثبات نسب علية بالإستناد لفترة الزواج القصيرة التي لم تتعدى الشهرين ولكنني فوجئت بأنني ربما أخسر القضية بسبب الطلاق الرضائي وهذا يعتبر سبب مشروع بالإستناد لقانون الأحوال الشخصية، والأمل الآن المتبقي لطفلي لإثبات نسبه لوالده / مغتصبي هو لدى وزارة الداخلية حيث قدمت إستدعاء لاحضاره للضغط علية للإعتراف بنسب الطفل بالإستناد لاقواله المثبتة بأوراق وتحقيقات رسمية وأقراره بأنه والد الطفل وسيقوم لاحقاً بتصويب وضعه القانوني خلال المرحلة الاولى من وقوع حادثة الاغتصاب قبل الزواج."