مدار الساعة - ألقى وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، كلمة المحور الإعلامي في أعمال الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي عُقِد تحت رعاية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العاصمة السعودية الرياض، اليوم الأحد، تحت شعار "مُتحالفون ضد الإرهاب".
ويأتي الاجتماع في إطار تدشين جهود التحالف لمجابهة الإرهاب والتطرّف على جميع المستويات، وضمن أربعة محاور رئيسة هي: المحور الإعلامي، والمحور الفكري، والمحور العسكري، ومحور تمويل الإرهاب.
وتحدث المومني في الكلمة عن دور الجبهة الإعلامية في محاربة الإرهاب والتطرّف، وأهمية استخدام وسائل الإعلام في التوعية والتثقيف ضدّ خطاب التطرّف والكراهية الذي يقود إلى الإرهاب، مشدداً على ضرورة أن تكون هذه الجبهة مستمرّة وممتدّة زمنياً، وأن تكون شاملة، وتتعامل مع جميع أطياف المجتمع، من أجل مواجهة دعاية الإرهاب الإعلامية، وإنتاج محتوى إعلامي قويم، تحصيناً للمجتمعات ضد التطرّف والإرهاب.
وقال ان استثنائيّة هذا الاجتماع ليست فقط لأنّنا أمّة السلام والعدل والوسطيّة والاعتدال، بل أيضاً لأنّنا الأَولَى بمحاربة من يُرهِبون ويقتلون باسم الدين الإسلاميّ الحنيف، مضيفا أنه بات من حقائق العصر وتداعيات ثورته الصناعيّة الرابعة، أنّ الحروب تُخاضُ عبر وسائل الإعلام والاتصال، بحيث أصبحت السّاحة الإعلاميّة والاتصاليّة ميدان مواجهة، تماماً كما هي ميادين الحروب العسكريّة والأمنيّة.
وأضاف المومني ان العصابات الإرهابيّة الجبانة، تلقت خلال الشهور الماضية، هزائم كبيرة، بيد ان الحرب لم تنتهِ بعد، خصوصا في الميدان الإعلامي والاتصالي، الذي سيمتدُّ لتحصين مجتمعاتنا من أخطار الأفكار الظلاميّة، والشد من عضد الإعلام ليكون أداة فاعلة بيد المجتمعات لمحاربة التطرُّف والغلوِّ والإرهاب.
وقال ان الحرب على الإرهاب، ومواجهة الفكر الإرهابيّ المتطرِّف بجميع منابره، عمليّة مستمرّة، ومعركةٌ مصيريّة؛ مشيرا إلى ان الاستراتيجيّة الشاملة التي اختطّها الأردن لمحاربة هذا الفكر الظلامي، والتي تترجم رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني، عملت في جزءٍ أساسيّ منها على المحور الإعلامي والفكري، الذي يتطلّب وقتاً وجهداً توعويّاً وفكريّاً رائداً وممتدّاً.
وأكد حاجة الدول العربية والإسلاميّة لتكثيف التنسيق والتعاون، وتبادل الخبرات والأفكار، والبناء على النجاحات التي تحقّقت، وصولا إلى آليّات فاعلة تسهم في محاربة الإرهاب على المستويين الفكري والأيديولوجي، وتفنيد المزاعم والخرافات والأفكار المشوَّهة والمشبوهة، التي تتعارض مع القيم والمبادئ الدينيّة والإنسانيّة.
ودعا الإعلام المهنيّ التنويريّ ليكون صاحب الكلمة العليا والأثر الأكبر، ليتفوّق على كلّ الوسائل الأخرى التي يتّخذها أعداء الإنسانيّة وإعلامهم للنيل من هوية وتاريخ الأمتين العربية والإسلامية.
وأكد أهمية الدور الذي يجب ان تتصدى له مختلف وسائل الإعلام في الدول العربيّة والإسلاميّة، لتفنيد المزاعم الكاذبة، والافتراءات الكُبرى، التي تقتات عليها الجماعات الإرهابيّة في تبرير جرائمها في كلّ أنحاء العالم، والمبادرة الى بثّ وإنتاج محتوى قويم، يكرِّس قيم الإسلام الصحيحة، بأبعادها الإنسانيّة السامية، وزرعها في عقول النشء والأجيال، ليكونوا دروع مجتمعاتهم في مواجهة المخطّطات الرامية إلى تدمير الأمّة، والقضاء على تاريخها.
ولفت المومني إلى ان مسؤوليّة تفنيد المزاعم، وبثّ محتوى قويم، تتضاعف على عاتقنا جميعاً في ظلّ الانفتاح الكبير، والتطوّر التقنيِّ المذهل الذي تشهده وسائل الإعلام، خصوصاً ما يتعلّق بوسائل الإعلام الحديث، ومواقع التواصل الاجتماعي، التي استغلّتها الجماعات لبثّ أفكارها المسمومة، واستقطاب المؤيّدين لنزعاتها المتطرّفة، ونسبها زوراً وبهتاناً إلى ديننا الإسلاميّ الحنيف، خصوصا أن الجماعات الإرهابية فاجأت الجميع باستخدامها المتقدِّم لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؛ ما يرتب تحدّياً بضرورة إيجاد آليّات فاعلة ومقنعة، تخاطب كلّ فئات المجتمع، وتحميهم من المحتوى المتطرِّف الذي تنتجه عصابات التطرُّف والإرهاب.
وعرض للتجربة الأردنيّة في التعامل مع الإعلام ووسائل الاتصال، كإحدى أهمِّ جبهات مواجهة الإرهاب، التي تقوم على ثلاثة مستويات رئيسة؛ أوّلها: المستوى السياسي والمهني، الذي يحدّد الأُطر والسياسات وأوجه التفاعل، للتعامل مع وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، بمهنيَّة وانفتاح، وذلك لتعزيز الإعلام المهنيِّ الباحث عن الحقيقة، وتقويته، وثانيها: المستوى القانوني، الذي يتمّ من خلال التشريعات والأنظمة التي تحصِّن المجتمعات، وتضع ضوابط قانونيّة واضحة للتجاوزات، وثالثها: المستوى الأمني الذي يتمّ من خلاله تتبُّع أيّة مظاهر في الإعلام تتجاوز على الأمن الوطنيِّ للدول، كبثّ خطاب الكراهية أو التطرُّف، أو استخدام الإعلام للترويج لأفكار التطرِّف، وتجنيد الإرهابيين. وأكد ان التعامل الأردني ضمن هذه المستويات أثبت إمكانيّة جعل الإعلام عاملاً من عوامل منعة المجتمعات وتحصينها، بدل أن يكون نقطة ضعف فيها.
وقال المومني إنّ التحدّي الماثل أمام الدول العربية والإسلامية تاريخيٌّ وغيرُ مسبوق، مؤكدا الحاجة الماسة لوسائل غير تقليديّة، تسهم في دحر الأفكار المتطرِّفة، وصناعة جيل شبابيّ واعٍ ومثقّف، يؤمن بمستقبله ويثق به، ولا يستكين إلى الأفكار السلبيّة أو السوداويّة.
وأضاف بهذا الخصوص ان وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي يجب ان لا تبقى نقطة ضعفٍ يتسلّل من خلالها من يريد النيل من مجتمعاتنا، ويحاول بثّ الفرقة والفتنة والتعصُّب، وتصدير الفوضى إليها، وزعزعة أمنها واستقرارها.
-- (بترا)