مدار الساعة - سلام الحايك - لم يكن الأربعاء يوماً عادياً للبنانيين، أو حتى للمنطقة برمتها.
ولم يكن صدفة أن يعود رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري إلى بيروت في يوم احتفال اللبنانيين بالاستقلال، معلقاً استقالته من منصبه كرئيس للوزراء بناء على طلب من الرئيس اللبناني ميشال عون في خطوة من شأنها تخفيف حدة أزمة أدت إلى تفاقم التوتر في الشرق الأوسط.
فهل تكون عودة الحريري في هذا اليوم إيذاناً بانتهاء "شهر العسل السياسي" بينه وحزب الله وبالتالي الرئيس عون الحليف السياسي للحزب.
هو سؤال؛ لم يتركه الحريري معلقاً كثيراً، إذ قال اليوم الخميس إن الفترة الأخيرة كانت أشبه "بصحوة" تدفع جميع اللبنانيين لتقديم مصلحة بلدهم على أي قضايا إقليمية أخرى.
وقال الحريري في المؤتمر المصرفي العربي السنوي في بيروت "المرحلة يلي مرقت كانت مثل صحوة لنا جميعا.. أنه ننظر لمصلحة لبنان قبل ما نتطلع على المشاكل حوالينا".
إذن الرجل يتحدث عن مرحلة سياسية تجبّ ما قبل استقالته التي أعادت لبنان إلى واجهة الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران الداعمة لجماعة حزب الله اللبنانية القوية.
حكام دول الخليج العربي لا يخفون الحديث يومياً عن التدخل الايراني في الشؤون الداخلية العربية، وهو الحديث الذي لم يصل إلى مرحلة "الجد" حتى قبل أشهر من إعلان المملكة العربية السعودية رفضها القاطع لهذا التدخل وأنها لن تسمح به، بعد ان سقطت ثلاث عواصم عربية بيد الايرانيين فعلياً والرابعة في الطريق.
هنا، يبدو السؤال ملحاً؛ إلى أين يسير الرئيس اللبناني والمعروف تاريخياً بأنه الحليف والداعم والمؤيد لحزب الله، وإلى أي الطرفين سيميل، وبخاصة أن العرب اتخذوا قراراً قبل ايام خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة "بتصنيف حزب الله اللبناني بمنظمة ارهابية"؟
السعودية، فرنسا، مصر أرسلت الى الرئيس عون رسائل واضحة وصريحة بأن التدخل الايراني في الشؤون العربية او اللبنانية مرفوض ولن يسمحوا به، فيما يردد حزب الله وحلفاؤه دوماً المقولة الشهيرة ان الحزب هو الوحيد الذي يقف بوجه العدو الاسرائيلي ويحمي لبنان.
وعلى ما يبدو أن الرئيس عون، بطلبه من الحريري، تأجيل استقالته لإجراء مشاورات سياسية، التقط الرسالة، رسالة العرب، وأدرك أن الوضع مختلف تماماً هذه الأيام.
في كل الأحوال لا أحد يعتقد أن موضوع استقالة الحريري او الأزمة السياسية اللبنانية قد انتهت، بتريث الحريري بتأجيل الاستقالة وفق ما طلب منه الرئيس عون، وهذا ما يفهمه عون جيداً.
فالأمور، سعوديا وعربياً ودولياً، أخذت منحى اشرس من السابق، وعلى اللبنانيين ترتيب بيتهم الداخلي (وهذا شأن صعب ومعقد) بحسب مراقبين.
والأصعب، أن تؤول تبعية سلاح "حزب الله" للجيش اللبناني وليس لإيران.
وفي ظل كل هذه الظروف والتعقيدات تبقى الامور اللبنانية عالقة سياسيا ما يعني ان ورقة استقالة الحريري وإعادة الأزمة السياسية الى المربع الاول وشيكة باي لحظة، ما لم يحدث تغيّر في الخارطة السياسية اللبنانية وهذا الامر المستبعد.
والحالة هذه، فإن الايام القادمة بعد المشاورات السياسية سوف تحسم أمر استقالة الحريري، وبالتالي إلى أين يذهب اللبنانيون.