الملكة رانيا العبدالله تشارك بمنتدى مسك العالمي في المملكة العربية السعودية
وتقول: "كيف سنواكب التغييرات في أنماط التعليم ونرتقي به في مدارسنا إن كان ثلاثة عشر مليون طفل عربي محرومين من المدارس أصلاً، وأغلبية الباقي يتلقون تعليماً عفا عليه الزمن"
نحن بحاجة الى تكنولوجيا تقاس بقدرتها على ردم الفجوات التي تقف بيننا وبين تحقيق ذاتنا كشعوب
"الأمان ليس السلم من الحرب فحسب؛ بل هو السلم من الخوف، والثقة في المستقبل"
"إن كان الاختلاف أول ما نراه، سيبقى الأمان آخر ما ننعم به"
شبابنا العربي مفخرة وبرزوا في مجالات علمية وأدبية رغم ظروفهم القاسية
مدار الساعة - قدمت جلالة الملكة رانيا العبدالله مفارقات الواقع في العالم اليوم الذي يعيش عصر الوفرة والتقدم العلمي، مقابل شح الأمل العالمي في عيون من يتضورون جوعاً والمحرومين من التعليم ومن أبسط أساسيات الحياة.
وقالت في كلمة لها خلال افتتاح أعمال منتدى مسك في الرياض في المملكة العربية السعودية بحضور عدد من كبار المسؤولين في السعودية ومجموعة من قيادات الأعمال والتقنية والابتكار والعلوم على المستوى الدولي أن العالم يعيش اليوم حالة من شح الأمل التي تدفعنا لأن نكون أكثر حاجة للتواصل وتبادل الخبرات وآفاق الابتكار.
وقدمت جلالتها الشكر لولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز على جمع هذه الكفاءات العالية والرياديين من شتى المجالات بما يتوافق مع رؤيته الجريئة التي تحمل تقديراً ودعماً للابتكار والعلوم، وفرصاً يطمح لها الشباب السعودي.
واستعرضت جلالتها مشاهداتها من زيارتها قبل أسابيع الى مخيم اللاجئين الروهينجا المسلمين الفارين بحياتهم وأعراضهم في بنغلاديش، وقالت "استباحت الحرب حياتهم كما استباحت حياة الملايين في منطقتنا العربية ... عالم تُمتهن فيه الكرامة؛ وتهان فيه الحياة وكأنها لا شيء".
وطرحت جلالتها التساؤلات التالية: "هل نحن جاهزون لتوظيف مكاسب الثورات العلمية والصناعية التي يشهدها العالم؟ وكيف سنتكيف مع الثورة الصناعية الرابعة التي تضرب بكثير من الصناعات التقليدية، ولدينا اليوم من أعلى نسب البطالة في العالم؟"
وأضافت "كيف سنواكب التغييرات في أنماط التعليم ونرتقي به في مدارسنا إن كان ثلاثة عشر مليون طفل عربي محرومين من المدارس أصلاً، وأغلبية الباقي يتلقون تعليماً عفا عليه الزمن".
وقالت "أعتقد أن علينا أن نعيد النظر في دوافعنا لاقتناء التكنولوجيا. فليست الأولوية سباق القـلة إلى القمة بامتلاك آخر صيحاتها؛ بل تكنولوجيا تمد يديها لترفع مجتمعاتنا بأكملها".
وأضافت "ما نحن بحاجة اليه هو تكنولوجيا لها قلب، وقلبها علينا. تكنولوجيا لا تقاس سعتها وسرعتها بالبت والبايت، بل بقدرتها على ردم الفجوات التي تقف بيننا وبين تحقيق ذاتنا كشعوب. فجوة الأمان؛ وفجوة التعليم؛ وفجوة الأمل".
وبينت جلالتها أن "ثلث الشعب العربي متأثر بشكل مباشر بالنزاعات، وملايين العرب لفظتهم أحضان أوطانهم فهربوا بحياتهم وأحلامهم."
ونوهت جلالتها إلى أن الشعور بالخوف لا يقتصر على بلدان النزاعات، لأن "الأمان ليس السلم من الحرب فحسب؛ بل هو السلم من الخوف، وهو الثقة في المستقبل".
وقالت "كم من عربي ينام ويصحو متمنياً أن تسنح له فرصة خارج وطنه؟ كم عربي يعيش في وطنه ويحلم بوطن آخر، وطن يحتضن أحلام أولاده ويستثمر في عقولهم."
وأضافت "كم من طفل يحلم بمدارس نوعية، كم من شاب أو شابة يحلم بتحقيق ذاته، أن يتعلم ويعمل، وربما أن يُسمع رأيه وتكون له إضافة كالنخبة التي أمامي الآن؟"
وقالت "كيف سنتبادل الخبرات ونحن غير قادرين على حوار بعضنا وتقبل اختلافنا، وبتنا فئات ومذاهب وأدياناً وأطيافاً وهناك دائماً "آخر" نحاربه أو نتعالى عليه أو نهاجم اختلافه عنا. إن كان الاختلاف أول ما نراه، سيبقى الأمان آخر ما ننعم به."
وطالبت جلالتها أن يتم تبني من التقنية "ما يزيد من قيمتنا الإنسانية ويبقي الأمل حياً في نفوس شبابنا. لأن شبابنا العربي مفخرة، فكثيرة هي الأمثلة التي التقيها لشباب لمعوا بابتكاراتهم وبرزوا في مجالات علمية وأدبية وقد أتوا من أقسى الظروف".
وقالت "لنفتح للشباب العربي الآفاق ونوفر لهم الفرص ليحققوا ذاتهم وطموحاتنا لهم. لنشعرهم بأن المستقبل ملكهم، ونؤمن لأنفسنا ولأبنائنا أرضاً خصبة نغرس فيها أحلامنا فتثمر".
ويذكر أن مؤسسة مسك الخيرية التي أسسها ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز تنظم منتدى مسك العالمي للسنة الثانية، ويقام تحت شعار "مواجهة تحدي التغيير". ومن بين المتحدثين في المنتدى رئيس مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية بيل غيتس، والمؤسس المشارك لخدمة سكايب يوناس كييلبيرغ، والمؤسس المشارك لموقع لينكدإن آلن بلو، بالإضافة إلى ممثلين من شركات تقنية كبرى كغوغل وأمازون وآي بي إم.
ويناقش المنتدى هذا العام مجموعة من التحديات التي تواجه العالم، ويتضمن جدول أعماله موضوعات متنوعة ضمن محاور رئيسية في حياة الشباب هي العيش والعمل والتعلّم والمساهمة. كما يشتمل على ورش عمل لاكتساب مهارات جديدة.