قبل مائة عام صدر القرار الظالم لرئيس وزراء بريطانيا الذي تضمن إقامة وطن للعصابات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية العربية التي كانت جزءاً من بلاد الشام. وعند قدوم " كلوب باشا " إلى الأردن طلب الالتقاء بشيوخ عشائر بني حسن ونصبوا بيوت الشعر في منطقة رحاب لاستقبال الضيف لعدم معرفتهم بما يريد من اللقاء. وبعد وصوله طلب منهم وبرجاء حار الموافقة على تجنيد ابنائهم مع الجيش الانكليزي. وأنه سيضمن لهم كل الخدمات والمناصب والامتيازات في حال موافقتهم على ذلك. إلا أنهم رفضوا طلبه رفضاً قاطعاً ولم يقدّموا له واجب الضيافة لما تبادر لهم أنه ليس بضيفٍ يستحق الاحترام. والزموه بالخروج من البيت من تحت " الرواق " الساتر للبيت استهزاءً به ورفضاً واستنكاراً لطلبه لقناعتهم أنه ومرجعيته بريطانيا سيعملون على تسليم فلسطين لليهود. مؤكدين عدم تعاونهم مع الانكليز الداعمين للعصابات الصهيونية. مما جعله يتخذ قراراً سرياً فيما بعد بعدم تجنيد أبناء عشائر بني حسن حتى بالجيش العربي في بداية تسلمه قيادته ووقوفه ضدهم في جميع المرافق العامة. كما رفضوا أيضاً التعاون مع الجيش التركي الذي نكل بهم لينصاعوا إلى تجنيد أبنائهم. إلى أن ذهبوا إلى الوالي في اسطنبول وأحضروا منه " بردي " يتضمن اعفاء أبناء عشائر بني حسن من التجنيد مع الأتراك. ومستذكرين مقولة مفجر الثورة العربية الكبرى " الحسين بن علي " طيب الله ثراه " استشعر أنه سيكون هنالك هجمة صهيونية شرسة تستهدف الأمة العربية والاسلامية وصولاً لاحتلال القدس والمقدسات. وعليه لابد من قيام دولة عربية ذات مقومات قوية للوقوف ضد هذه الهجمة. ولنبدأ ببلاد الشام والرافدين. وصولاً إلى قيام الدولة المنشودة " إلا أن حلمه لم يتحقق.
• ذكر لي أحد رجالات الخوالدة – بني حسن " وهو المرحوم يوسف كساب الخوالدة " الذي توفي قبل خمس سنوات عن عمرٍ ناهز (120) عاماً أن أبناء عشائر بني حسن وغيرهم من أبناء العشائر الأردنية كانوا يفككون السلاح والعتاد ويضعونه في أوعية المياه ويحملونه على الجمال والخيل والدواب بالإضافة للمؤن وبعض المعدات الأخرى. وعند اصطدامهم بحواجز المستعمرين الانكليز يوهمونهم أن ما يحملونه مياه وطعام وأمتعه للرعاة ولسقاية الأشجار والماشية. وبعد أن يتجاوزوا حواجز المستعمرين يسلمون الحمولة إلى المقاومين والمجاهدين من أبناء فلسطين وشرقي الأردن وغيرهم من العرب والمسلمين لمقاومة العصابات الصهيونية الغازية. ومنهم الشهيد المرحوم البطل " وصفي التل " الذي جرح في سهول عكا وهو يقود جحافل المقاومين ضد تلك العصابات الصهيونية الغازية. مما دعا المستعمرين الانكليز للحكم عليه بالإعدام إلا أنه تمكن من المغادرة إلى القطر السوري من بلاد الشام آنذاك. وساهم مع نخبة من العرب والمسلمين بتشكيل جيش الانقاذ وعاد ثانيةً ومعه العديد من المجاهدين الأردنيين للدفاع عن عروبة فلسطين. بالإضافة لتضحيات الجيش العربي وما قدم من قوافل الشهداء في معارك حيفا. يافا. تل أبيب. باب الواد. اللطرون. السموع. جنين. أسوار القدس. وغيرها الكثير من معارك الرجولة والشرف دفاعاً عن فلسطين إذ لا يكاد يخلو شبرٌ واحدٌ من ترابها الطهور إلا وخضّب بدماء شهداء الجيش العربي.
• هذا هو موقف بني حسن وكغيرهم من أبناء العشائر الأردنية الذين وقفوا وما زالوا مع وطنهم وحول قيادتهم وخلف أجهزتهم العسكرية والأمنية. وقفات عزٍ وفخرٍ وكبرياء. كان آخرها تلك المواقف مع وطنهم وقيادتهم عند بداية الربيع "الدمار" العربي الذي اجتاح بعض الدول من حولنا. وبذلك حافظوا على ربيع بلدهم ربيعاً يانعاً يشتمون منه رائحة الشيح والعنبر والزهور والورود وينعمون ولله الحمد بأمنه واستقراره. بدلاً من رائحة الدم والدمار والقتل والتشريد والتهجير والإرهاب الذي تعاني منه الشعوب التي اجتاحها ذلك الربيع المشؤوم.
• عاش الأردن عزيزاً قوياً عصياً على كافة المؤامرات والدسائس والأخطار. وعاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر وزوال الاحتلال إن عاجلاً أو آجلاً. وحفظ الله قيادتنا الفذة الحكيمة من آل هاشم الأطهار.
wadi1515@yahoo.com