انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

ماذا حل بطاهر وريتا؟

مدار الساعة,مقالات مختارة,الضفة الغربية
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/27 الساعة 00:07
حجم الخط

منذ سنوات، كتبت هنا عن قصة طاهر الذي أبحر من الضفة الغربية إلى مصر، وعبر أنفاق غزة لعينيْ ريتا العسليتين، كنت يومها في السيارة حينما جاءني صوت ريتا عبر الراديو بإيقاعه الضاحك وهي تقول: حينما رأيته خبأت عيني بكفي وبكيت، فلم أصدق أنني أمام طاهر، أما طاهر فقال إن الحب يستحق أن أعبر النفق؛ لأنني كنت أحلم بعيني ريتا!
قصة ريتا وطاهر، هي قصة كل عاشقين جمع بينهما الفيس بوك والوطن الواحد، وفرقتهم الحدود والجنود، ولكنهما تحديا كل شيء والتقيا، وتعانقا، رغم أنف الاحتلال، هي قصة فلسطين، حينما يحمل الحب عشاقها إلى حدود الاستشهاد، فلا يعرفون المستحيل، ولا الأسلاك الشائكة، فكم من عاشق عبر الحدود، وحقول الألغام ليعفر وجهه بتراب الوطن، ويعجنه بدمائه الزكية!
آخر ما علمت عن طاهر وريتا، أنهما عقدا قرانهما في غزة، بعد أن وصل إلى بيتها في قصة تصلح لفيلم سينمائي مثير، في رحلة استغرقت أياما من قريته كفر قرع الواقعة بفلسطين المحتلة 1948 إلى غزة، كان هذا في العام 2011، طاهر الشاب ابن العشرينيات من عمره في حينها، يقول.. حبي لريتا أكبر من عمري، هي تكبرني بسنتين من العمر وهذا لم يغير أي شيء، فهي اللؤلؤة النادرة والثمينة التي تعرفت عليها وأحببتها واخترتها شريكة لي رغم كل الظروف. في البداية ربطتني بها صداقة عادية وتكلمنا حول عمل تلفزيوني مشترك وتحدثنا طويلا الا أن الموضوع تطور وشعرت بارتباط روحاني بها فخفقت قلوبنا، دون أن أشاهدها الا عبر شاشة الحاسوب، وقررنا الارتباط، تحدثت الى والدها وطلبت يدها، فلبى طلبي، وبدأنا التحضيرات لإقامة الخطوبة في رام الله. حاولت اصدار التراخيص الأمنية اللازمة لإخراج عائلة ريتا من غزة، إلا أن الاجهزة الامنية رفضت ذلك، وعندها قررنا اقامة حفلة الخطوبة في مصر، ولسوء الحظ اشتعلت الاوضاع على الحدود المصرية وأغلق المعبر ولم يتمكنوا من الخروج الى مصر. ورغم ذلك قررت العمل على زيارة غزة الأمر الذي كان مستبعدا من جهتنا ولم نكن نخطط له. وعن لحظة لقاء الحلم بالحقيقة يتابع «دخلت العمارة المتفق عليها، ووجدت زملاء ريتا ينتظرونني مذهولين، فرحبوا بي وأخبروني أنها دخلت غرفة جانبية، وكانت دقات قلبي أسرع من خطواتي نحو غرفتها.. ولما دخلت وضعت يدها على عينيها، وأجهشت بالبكاء فبكينا جميعا». بعد ذلك توجها لبيت العروس واحتفلا بعقد القران بمشاركة الأهل والأقارب، وعن الليلة الأخيرة في غزة يقول «إنه أدرك أن الحلم يوشك على الانتهاء، وأن الفراق صعب، وأن عزاءه كان بأنهما سيلتقيان يوما ما ليبقيا سوية طيلة العمر».
وعاد طاهر إلى قريته «كفر قرع» عبر الأنفاق، واعتقلته السلطات الإسرائيلية فور عودته، وظل قيد الأسر 23 يوما، يخضع لتحقيق قاس وضغوط كبيرة، ولم يقبلوا بروايته على الرغم من وثيقة عقد القران الموقعة من المحكمة الشرعية في غزة والصور التي التقطها.
ويروي طاهر أنه بقي في المعتقل محروما من الطعام والشراب الصالح للبشر ومن محام، وأنه كان مداوما على الصلاة.
انقطعت أخبار قصة طاهر وريتا، ولم نعرف ماذا حل بهمها، وها أنذا استذكر تلك القصة الجميلة الدامية، لعل أحدا يقرأ هذا المقال، فيخبرنا ماذا حل بالحبيبين، هل تزوجا، وهل التأم شملهما؟ أم أن القصة انتهت على غير ما أرادا؟؟
كم أنا في شوق كبير لمعرفة كل هذا... فقصتهما رغم مرور سنوات على وقوعها لم تزل تلح على الذاكرة، فهي قصة فلسطين، والمصالحة، وغزة والضفة، والاحتلال المتوحش!
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/27 الساعة 00:07