مدار الساعة - انتهت مساء الأحد، عطوة المنشد وهي عطوة عشائرية متخصصة بجرائم الشرف، في قضية المغدورة المهندسة نيفين العواودة، التي عثر على جثتها بجانب عمارة سكنية في بلدة بيرزيت شمال مدينة رام الله قبل عدة أسابيع.
وحكم قاضي فلسطيني عشائري على المتهم بجريمة قتل المغدورة البالغة من العمر 36 عامًا بعقوبة شديدة تعتبر الأولى من نوعها في فلسطين، وهي دفع أهل الجاني لأهل المغدورة مبلغ مليون ونص دينار أردني و17 كيلو غرام من الذهب الخالصن وذلك كعقاب جزائي، بحق سائق التكسي الذي قتل المهندسة في شهر تموز/ يوليو الماضي.
وقال قاضي المنشد، “ان المنشد عادة يقام من أجل الحرائر وإنصافهم بعد موتهم، ولبشاعة الحدث وإعتراف القاتل استوجب عمل هذا العقاب الجزائي”.
وكان القاضي قد طلب أجرة المنشد البالغة 15 الف دينارًا اردنيًا، قبل الحديث بقضية المغدورة التي تحمل الجنسية الأردنية والحكم فيها، حيثُ دفعتها عائلة القاتل، علمًأ ان هذا المنشد اجتمع فيه أربعة أمور وهي: العرض والدم والوجه والبيت.
وقال قاضي المنشد “إنه يتوجب عمل ثلاثة مناشد وليس واحدًا فقط”، ولكنه أعفى عن عائلة القاتل باثنين واكتفى بواحد.
وأكد أنه لا ثأر في القضية بعد اليوم، ومن يقوم بعكس هذا يتحمل كامل المسؤولية، وان المنشد “إعطاء حق في وجوه الكفلاء”، ولا قوام لكفيل فيه بل يتوجب الدفع مباشرة.
وقضى قاضي المنشد بدفع أهل الجاني مبلغ 20 ألف دينار أردني عن التخطيط والمراقبة في الجريمة، و30 ألف دينار أردني، عن إصراره على تنفيذ الجريمة وعدم تراجعه، و40 ألف أردني على خطف الضحية لمكان خالٍ، وذلك بلد قطع يده لعدم وجود الدولة الإسلامية التي تطبق هذه الحدود.
كما قضى قاضي المنشد بدفع أهل الجاني 4 ديات على القتل العمد الشع، وكل دية 100 ناقة، ولعدم وجود هذه النوق في فلسطين فتقدر بـ17 كيلو غرام من الذهب الخالص، و100 ناقة سوداء على نقل الجثة الى بيتها وليس إلى المشفى، وقدر ثمن كل ناقة بـ 3 آلاف دينار أردني، و10 آلاف دينار أردني على كل طابق من الطوابق الستة التي حملها فيها الجاني إضافة إلى 20 ناقة سوداء.
وعن إخفاء الجريمة وسلبه أغراض المغدورة الخاصة، قضي بدفع أهل الجاني 50 ناقة سوداء، بالاضافة الى 20 الف دينار أردني، و60 ألف دينار أردني، و20 ناقة سوداء عن عودة الجاني إلى الشقة وإلقاء جثة المغدورة فيها، و30 ناقة سوداء عن التشهير بالصحف والاعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، و100 ناقة بيضاء عن الاعتراف بالاجهزة الامنية.
وقرر قاضي المنشد بدفع مبلغ 100 الف دينار أردني بسبب الكشف عن الجثة وتشريحها في فلسطين وإسرائيل، بالإضافة الى 55 الف دينار أردني عن ترك العطوة، واحتسب كل يوم من يوم مقتلها ليوم أخذ العطوة بالف دينار أردني.
وقدر قاضي المنشد مخاسر أهل المغدورة بالبحث والتحري عن ابنتهم، ومن ثم ملاحقة الجاني بـ 50 الف دينار أردني.
لف بيت المغدورة بالقماش الأبيض والنفي ومنع التشريف
طالب القاضي بلف بيت أهل المغدورة بالقماش الأبيض من الجهات الأربع، بدءا من اليوم الأحد، وربط ناقة بيضاء أمام البيت، لتبقى على هذا الحال حتى انتهاء مراسم الجاهات والطيب ومن ثم تكون ملكًا لهم.
بالنسبة للجاني، حكم قاضي المنشد بمنعه لباس العقال وهو رمز الشرف عند العرب طيلة حياته، ورفض شهادته في المحاكم، ونفيه من مكان الجريمة 3 محافظات لـ15 عامًا، فيما يحتسب السجن كالمنفى.
جاهة وخدم ومهلة للشركاء المحتملين
طالب القاضي، بتوجه جاهة لأهل المغدورة ومعهم جميع تكاليف جاهة المنشد يتقدمها شيخ من سلالة شيوخ، وبرفقتهم خادم قهوة وخادم يقدم لهم طعام، وطاهي يطهو لهم الطعام و20 خروفًا، وتتقدمهم راية بيضاء وفي آخر الجاهة راية اخرى، وقرر أنه “في مكان استقبال الجاهة، تعلق أربع رايات بيضاء بكل زاوية واحد”.
وأعطى القاضي “بسبب غموض بعض الأمور الخاصة بقضية قتل المغدورة العواودة وعدم وجود الضحية وعدم قناعته بأن الفاعل شخص واحد”، مهلة لمن ممكن ان يكون شريكًا في القضية 14 يومًا، على ان يعترف خلال الفترة المحددة ليكون شريكًا للقاتل في هذا المنشد ويسري ما عليه فيه دون زيادة أو نقصان، أما ان ثبت ان هناك شركاء آخرين ولم يعترفوا خلال الفترة المحددة سيعاملوا معاملة القاتل الجديد ويتم عمل منشد جديد لهم.
وكان الناطق باسم الأجهزة الأمنية، اللواء عدنان الضميري كشف تفاصيل مقتل المواطنة ” العواودة ” وقال “إن قاتل العواودة يعمل سائق أجرة على خط رام الله-بيرزيت، ونفذ الجريمة لوحده”.
وأفاد بأن دوافع الجريمة هي دوافع شخصية، إذ رفضت العواودة محاولات السائق التقرب منها ما دفعه إلى قتلها، موضحًا أن القاتل نفذ الجريمة في الثامن من شهر تموز الماضي، وتم اكتشاف جثتها في السادس عشر من الشهر ذاته.
وبين الضميري أن القاتل أقدم على قتل المغدورة دهسا بمركبته، مشيرًا إلى أن تقرير الطب الشرعي وتقرير النيابة العامة كشفا بأن جسم الفتاة ارتطم بجسم صلب ما أدى إلى كسور في مختلف أنحاء جسدها.
وأشار إلى أن القاتل وعقب تنفيذ جريمته نقل جثة المغدورة إلى شقتها، وعاد بعد 3 أيام ليقوم بنقلها إلى ساحة العمارة التي تقطن فيها في بلدة بيرزيت.
ولقي مقتل المواطنة نفين عواودة في حينه اهتمامًا واسعًا لدى الرأي العام الفلسطيني، لما كانت قد نشرته على صفحتها الشخصية على فيسبوك من اتهامات لجهات رسمية بالفساد، بالإضافة لما كانت تعانيه من مشاكل عائلية خاصة.
نبذة عن المغدورة
تحمل الفقيدة شهادة الماجستير في هندسة الحاسوب من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وعملت في وقت لاحق في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لتقدم استقالاتها نهاية عام 2016. (ارم)