أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

حرية أم إساءة: المحكمة تجيب

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

أخطأت النائبة ديمة طهبوب ام ان ما فعلته كان عين الصواب...!

قبل ان أشرح ذلك، لدي ثلاث ملاحظات حول ما جرى، الأولى ان الذين انتقدوا طهبوب لأنها قدمت شكوى ضد الأشخاص الذين ناضلوا بانتقادها او تجريحها اختاروا هذا الموقف “السامي” (ومن حقهم ذلك) استناداً الى قناعة مفادها ان الشخصيات العامة التي تتبوأ مواقع في العمل العام معرضة للنقد ومن واجبها ان تقبل ذلك بصدر رحب.

الملاحظة الثانية هي ان ما جرى عكس حالة من الاشتباك بين تياري الاخوان واليسار، مثلما كشف أيضاً عن طبيعة “النضال” الذي يمارسه بعض إخواننا اليساريين، وهو نضال من نوع الشتائم والصراخ والاستبسال في شيطنة الآخر، ومن الأسف ان بعض وسائل الإعلام انجرّت الى هذه “المفاصلة” فأشهرت في عناوينها وأخبارها مصطلحي “شاب يساري” و “نائب إسلامي”، دون ان تقدر عواقب ذلك على سلامة المجتمع ولا القواعد الأخلاقية التي يفترض ان يلتزم بها الاعلام.

اما الملاحظة الثالثة فهي ان لدينا ثقافة “مفصومة” لها وجهان: وجه يعكس مطالبنا بالحرية والمساواة وغيرها من القيم النبيلة، ووجه آخر يريدها لنفسه ويريد ان يحرم الآخرين منها، ثم ان لدينا “انفصاما آخر وهو اننا نخرج للناس (اقصد النخب ومن والاها) بوجه ليبرالي ثم نتعامل معهم بمنتهى التوحش والإساءة، ونريد منهم ان يقبلوا شتائمنا ومسباتنا واغتيالنا لشخصياتهم، وإذا ما ذهبوا للقضاء لانتزاع حقهم في الرد على هذه الإساءات، اتهمناهم بأنهم “داعشيون” او على الأقل أعداء للحريات العامة.

بالعودة الى “عين الصواب” الذي فعلته السيدة طهبوب، لا بد من توضيح مسألتين: الأولى ان ما تعرضت له على مدى الشهور الماضية من انتقادات كان خارج سياق الحريات العامة، فقد اتهمت بأنها لم تقف دقيقة انصات على أرواح قتلى الكنيستين في مصر فردت بتوثيق وقوفها بالصورة، ثم اتهمت بأنها “داعشية” كما ظهر ذلك في كاريكاتور أظهرها على ظهر حصان وبيدها سيف وخلفها رايات سوداء ترمز لداعش، وحين احتجت على المثليين قوبلت بالشتائم، كل ما فعلته أنها تحملت ذلك ثم قدمت شكوى للمراكز الأمنية، وحين فاض بها الكيل توجهت للمحكمة لكي تشتكي وتدافع عن نفسها.

المسألة الثانية هي ان “المناضلة” او “المقارنة” بين مواقف وممارسات الإسلاميين واليساريين في موضوع “الحريات” العامة، ليس هذا توقيته ولا مكانه، الطرفان لا علاقة لهما بالموضوع لأنهما من طينة “قمعية” واحدة، وبالتالي فإن نقاش ما قامت به طهبوب يجب ان يكون بعيدا عن هذا السياق، كما يفترض على الذين انحازوا ضدها وطالبوها بالتنازل عن شكواها ان لا يحملوها جريرة “مواقف” الاخوان من الحريات وحق الرأي والآخر، خاصة بعد ان قدم “اليساريون” في ردودهم على طهبوب نسخة بائسة من “الشتائم” التي تصنف لديهم في اطار الحريات...باختصار “ما في حدا أحسن من حدا”.

يبقى سؤال الحد الفاصل بين الحرية في النقد والتعبير عن الرأي وبين الإساءة والتحقير واغتيال الشخصيات، الإجابة موجودة فقط في مجالين: أحدهما المجال القانوني، حيث تحدد المواد في قانون العقوبات ذلك، كما تحدد العقوبات المترتبة عليها، والمجال الآخر القواعد والمشتركات الأخلاقية التي تضمن الحفاظ على النظام العام في المجتمع.

مدار الساعة ـ