مدار الساعة - كتبت النائب السابق خلود خطاطبة
تراجعت الحكومة عن نيتها اصدار تشريع خاص بمواقع التواصل الاجتماعي، واكتفت بتعديلات على قانون الجرائم الالكترونية المعمول به حاليا، بهدف تحقيق هدفها المعلن «بضبط» رواد وسائل «السوشال ميديا»، وتضمنت هذه التعديلات بنودا كثيرة في ظاهرها جيدة اذا لم تستغلها الحكومة للنيل من العالم الافتراضي للمواطنين.
لعل أبرز ما جاء في تعديلات القانون الذي لا زال مشروعا ويحتاج الى المرور بقنواته الدستورية قبل بدء العمل به، وضع نص واضح ومحدد وبالاسم يجرم «خطاب الكراهية» واستخدامه من قبل رواد منصات التواصل الاجتماعي، وهذه خطوة مهمة جدا بعد تصاعد هذا الخطاب محليا وعربيا وعالميا، واعتقد أن الاردن قد يكون من الدول الرائدة في العالم بتضمين هذه «التهمة» بشكل لغوي محدد في قوانينه.
المادة «10»، في مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الالكترونية تنص على «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن 5000 ولا تزيد على 10000دينار كل من قام بنشر او اعادة نشر ما يعد خطابا للكراهية عبر الشبكة المعلوماتية او الموقع الالكتروني أو أنظمة المعلومات».
رغم أن التشريعات الأردنية تنص في بنودها على تجريم صيغ من خطاب الكراهية مثل (اثارة العنصرية والطائفية)، الا ان الجديد في تعديلات قانون الجرائم الالكترونية النص صراحة على تجريم هذا الخطاب، وهو أمر ايجابي بعد ما شهدته الساحة الاردنية من تجاوزات في وسائل التواصل الاجتماعي على خلفية قضايا أثيرت منها السياسية والرياضية والاجتماعية.
السلبية الوحيدة في التعديل الجديد هو أن «خطاب الكراهية» تعبير واسع وفضفاض ويمكن ان تدخل ضمنه أمور بسيطة، لذلك فانه بحاجة الى تحديد وتوضيح أكثر وحصر الحالات الرئيسة التي يمكن ان تندرج تحت عنوان «خطاب الكراهية» وان لا يترك التعبير على عواهله في القانون حتى لا يستخدم احيانا بشكل متعسف تجاه الافراد أو حتى المؤسسات.
القانون المعدل حمل بين طياته نصوصا كثيرة منها حماية الحياة الشخصية للافراد، الا ان هذا الامر ليس جديدا في التشريعات الاردنية التي تتشدد في حماية الحياة الخاصة للافراد والشخصيات العامة سواء في قانون العقوبات او القانون المدني أو غيرهما، في حال ارتكاب حالات التعدي بوسائل علنية، لكن ضمها للتعديلات يعد خطوة ايجابية ايضا، كون القانون الخاص أولى بالاتباع من القانون العام.
تعديلات أخرى ايجابية حمت فئات من المجتمع مثل المرأة والطفل وعدم استغلالهما، كما حمت الافراد من قيام البعض بطرق احتيالية عبر منصات التوصل الاجتماعي وفرضت عقوبات مشددة في هذا الجانب، الا ان الانتقاد الرئيس للقانون والذي كنا نطمح بتعديله في المشروع الجديد، هو اجازته توقيف الصحفيين في قضايا القدح والذم المنشورة عبر المواقع الالكترونية، بشكل مناقض لقانون المطبوعات والنشر الذي لا يجيز توقيف الصحفي في مثل هذه القضايا في حال النشر.
الأهم في اصدار التعديلات على قانون الجرائم الالكترونية، هو تسليط الضوء عليه بشكل مكثف من وسائل الاعلام، وترويجه عبر وسائل الاعلام الحكومية، وتوضيح بنوده للشعب الاردني الذي يمتلك نحو 70% منه حسابات على فيسبوك وتويتر، حتى لا تضطر الحكومة الى انشاء محكمة خاصة تستوعب حجم الشكاوى المقدمة لها بعد اقرار هذا التعديل على القانون.
الدستور