مدار الساعة - عبدالحافظ الهروط - يا الله كم كباراً هم في دنياهم وعند رحيلهم.
يا الله يقبلون على الموت بعزيمة لا تتقد الا في نفوسهم فقد ادركوا منذ صباهم ان الشهادة في سبيل الله اغلى أمانيهم وان الدفاع عن حياض الوطن شهادة وفداء عند النداء، فتساوى عندهم دون غيرهم الموت والحياة..
فإذا كانت النفوس كباراً .. تعبت في مرادها الاجسام
العميد المتقاعد قوات خاصة المغفور له بإذن الله حسين عقلة العموش والملقب بـ "الحنيش" ينعى نفسه بنفسه، ولسان حاله يقول : انا الذي كنت اطلب الموت والشهادة، مع رفاق السلاح ولأن الشهادة لم تكتب لي وقد غادرت رفاقي، فإنني اليوم انعى نفسي بنفسي لأن الموت حان.
تهبط وصية ابي مؤيد على صفحة "مدار الساعة" وقد حمّلها نداءه الى اصحاب "الطواقي الحمر" بأن الاردن امانة في اعناقكم وان هذه الارض الطهور مثلما هي اضرحتكم التي تغوص في احشائها انما هي النقيع والمنزل والشرف والكرامة.
تهبط وصية ابي مؤيد على رؤوسنا جميعاً عسكريين ومدنيين فتسكن القلوب ولولا كرامته لذهبت بالعقول، فمثل هذا وغيره من الصناديد لا نستطيع مجاراتهم قولاً فكيف بأفعالهم.
لم يوص "ابو مؤيد" بأبنائه واسرته خوفاً عليهم من نائبات الزمان وضيق المكان، فهذه الأشبال من هذا الأسد الذي يقدّم للأردنيين والعرب جميعاً درساً في معاني البطولة والعزة والشهامة وقد خاض مع رفاق دربه حومات الأرض والسماء دون تفرقة .
وحتى لا اطيل الحديث لأنه منقوص بحق "النشامى" فإننا في اسرة "مدار الساعة" نضع وصية هذا العسكري المقدام لعلنا نتعظ بما اخطأنا بحق وطننا وأنفسنا وترددنا في لحظة مواجهة، وقد كثرت المطامع والمكاسب الدنيوية..آآآآه يا أبا مؤيد.
وإليكم الوصية:
بسم الله الرحمن الرحيم...
الى رفاق السلاح..الى الكاب العنابي الذي توج جباهنا بالعز ..القوات الخاصة...
الى الارض التي عرفت وطأتنا... الى الغيمات التي عرفتنا في السماء...
الى الوطن الحب الذي خبرناه....
الى العسكرية التي خبرناها الماء والهواء..السهول والوديان..الجبال في صولات المجد وحب الأوطان...
الى احبتي من صحبتهم مدى العمر والكفاح...
اليوم حين تنشر هذه الحروف اكتب آخر كلماتي.. آخر همساتي و نبضاتي.. اكتب وداعي وبقائي الى جانبكم في الذكرى والذكريات.. في المواقف الحرجة وحين تظهر فيها الرجال..
رفاقي.. أبنائي .. بناتي.. زوجتي الحبيبة و اخواني السند...
اودعكم اليوم بأحر الحروف وما تملكني من مشاعر..
اوارى الثرى هذا اليوم و وصيتي الى ابنائي ان تنثر هذه الوصايا معطرة بالشيح والقيصوم.. فوق الجبال وعند اشجار البلوط..
وصيتي حافظوا على الوطن و التراب.. حافظوا على بلادكم واهليكم.. حفظها وحفظكم الله.. دافعوا عنها صفاً لا يفرقه أحد وعلما لا يدنس ابدا ابد.ا..
احبتي.. أنعي نفسي بنفسي، متصالحاً مع الموت والرحيل.. فهو سنة الحياة والوجود فلا يخلد عليها الا الكريم الودود... أودع الشوق والكد والتعب..ارتب كل ذكرياتي ودعائي ان تب علينا يا الله واحسن مثوانا امين امين امين.
الراحل الى جوار الغفور الرحيم.. العلي العظيم.. العميد الركن المتقاعد قوات خاصة حسين عقلة عمير العموش....
تنقل بتصرف من ابنائي اليكم ...
انا لله وانا اليه راجعون