رسمت الصحيفة الموالية لحزب الله خريطة توضح امتداد نفوذ الولي الفقيه من طهران إلى المتوسط، من دون التذكير بالحوثيين في اليمن الذين كان حلمهم السيطرة على باب المندب، فيما يتدخل أمين عام حزب الله للوساطة بين الحوثيين، وبين حليفهم “الممانع العظيم”، علي عبد الله صالح!!
لا تتوقف الاحتفالات بـ”الانتصارات العظيمة”؛ من طهران إلى بغداد فدمشق وبيروت، وتبعا لها كل الأبواق على امتداد العالم، فهؤلاء جميعا هم جنود الولي الفقيه، أو ولي أمر المسلمين بحسب تعبير نصر الله. وفيما يسعى قاسم سليماني، مدير إدارة مشروع التمدد إلى الخروج من الإطار المذهبي، لا يجد غير التذكير بما تم تقديمه للمقاومة الفلسطينية، ويتحدث عن أن 99 في المئة من أهل فلسطين من أهل السنّة، مع أننا لا نعرف أن فيها شيعة أصلا قبل تدخلاته!!
عبثا يحاول سليماني والأتباع الحديث عن هذا التمدد بوصفه مقاومة وممانعة، فما يجري على الأرض يؤكد أنه تمدد مذهبي صارخ، لا صلة له بالمقاومة والممانعة، إلا من باب الاستخدام الانتهازي بطبيعة الحال، وعبثا يحاولون حشر هجاء أمريكا في السياق، ومعها الكيان الصهيوني، فيما الوقائع على الأرض تفضح ذلك كله.
لن يعترف سليماني ولا بقية الأتباع أنه ما كان لهم أن يهزموا تنظيم الدولة ويطاردوه من مدينة إلى أخرى وصولا إلى الموصل، لولا غطاء الطيران الأمريكي الذي استخدم في كل المراحل سياسة الأرض المحروقة التي نتابع أحد فصولها الآن في الرقة ودير الزور، وقد تمتد غدا إلى إدلب، أي أن أهم الانتصارات إنما صُنعت بغطاء الطيران الأمريكي، فيما صُنع الجزء الآخر منها بغطاء الطيران الروسي الذي لا يمكن لعاقل أن يصدق أنه طيران مقاوم أو ممانع، فضلا عن أن يكون ممن يهتف لأبي عبد الله الحسين، حتى لو كانت لبوتين عقده المزمنة من الإسلام السنّي!!
من المالكي الذي جاء على ظهر الدبابة الأمريكية، إلى الحشد الذي غطاه طيران أمريكا، إلى مليشيات إيران التي جابت سوريا، ولم يعترض عليها الغربيون ولا الأمريكان، وصولا إلى لصوص الثورة في اليمن، وحليفهم المخلوع الذي جاء بالطائرات الأمريكية كي تضرب من يسميهم نصر الله عملاء أمريكا والصهيونية.. كل هؤلاء أصبحوا بقدرة قادر مقاومين وممانعين!!
إنه الجنون المذهبي الذي يستغل الظرف بذكاء لا يمكن إنكاره، والذكاء إنما تجلى في صناعة قصة الإرهاب، ومن ثم تخويف الغرب منها.
هذه الموجة الأخيرة من العنف هي صناعة إيران بامتياز، ففي عام 2010، كان تنظيم داعش مجرد تنظيم سري يضرب هنا وهناك في العراق، فيما كان أسامة بن لادن يبشر بربيع العرب ووضع السلاح، فجاءت طائفية المالكي ودموية بشار، ومن ثم جنون الحوثي لتمنح دفعة لهذا التيار، في المناطق المشار إليها، وعموم المنطقة تبعا لذلك، وهو بخطابه المعروف دفع أمريكا والغرب إلى الهجوم عليه.
الآن، وفيما يحتفل أتباع “الولي الفقيه” بانتصاراتهم، ولا يغيب نصر الله عن الشاشات، فيما يتحوّل إلى “بلاك ووتر” إيرانية، بحسب صحيفة أمريكية، لا نرى سوى مشروع تمدد مذهبي لا صلة له بالمقاومة ولا بالممانعة، فقد انتهى حزب الله كحركة مقاومة منذ ترتيبات ما بعد حرب تموز 2006، ولن يقاتل جنود الحشد ولا الحوثيون إسرائيل، ولا تفكر إيران في صدام يستعيد العقوبات عليها، بينما سيستجدي بشار الرضا بوضعه المنهك.
هم إذن يحتفلون بانتصارهم على الغالبية في المنطقة لا أكثر، لكن غرور القوة يمنعهم من رؤية حقيقة أن هذه الغالبية لا تعرف الاستسلام، ولم تستسلم لأي غزاة قبلهم، وستواصل التصدي لهم بكل الطرائق الممكنة مهما طالت المعركة بسبب عبث الأولويات لدى بعض العرب، حتى يعودوا إلى رشدهم ويقبلوا بتسوية متوازنة بعيدا عن هوس استعادة ثارات التاريخ. والأيام بيننا.
الدستور