مدار الساعة - كتب الصحفي عناد أبو وندي - كان "الشيخ" قديما، يجلس في بيت الشعر، ويضع أمامه "دلال" القهوة على النار بجمر حطب الأشجار الصحراوية "الغضا والرتم" وبجواره "محماسة" القهوة، و"المهباش" الذي تدق فيه القهوة بعد تحميصها.
وحديثا، حافظ فنجان القهوة على مكانته، سيداً للموقف في كافة المناسبات الاجتماعية في الصلح والزواج، والمناسبات الأخرى.
"القهوة ليست مجرد شراب يقدّم، وإنما قيمتها في طريقة تحضيرها التقليدية، باستخدام أدوات خاصة منذ قديم الزمان، إضافة إلى طرق تقديمها ومعانيها الاجتماعية"، تقول الحاجة "أم علي 75 عاما" .
فالقهوة، تحضيراً وشربأ، لها طقوس تعكس العادات الاجتماعية ، التي مازالت متبعة في الأردن رغم التطور والثورة المعلوماتية، القائمة والمؤثرة.
وللقهوة العربية دور مهم في الحياة الاجتماعية بصلح ذات البين وبحل المشاكل وحتى الصعبة منها وينهي المشاكل التي يقع فيها قتل، كما أنها تعني موافقة للزواج، وهي عنوان للكرم.
وقيلت فيها القصائد الشعرية والأمثال الشعبية.
فلتحضير القهوة ومجالسها أشعار كثيرة منها:
ياما حلا الفنجان مع راحة البال ... في مجلس ما فيه نفس ثقيلة
هذا ولد عم أو هذا ولد خال ... أو هذا رفيق ما ندور بديله
وقيل فيها :
يا كليب.. شب النار.. يا كليب.. شبه
عليك شبه.. والحطب.. لك يجابي
قلط لها.. ياكليب من سمر جبة
وشبه.. إلى منه غفى كل هابي
حنا علينا جيب ما ها وحبه
ومن عادات صب القهوة أيضا أن تقول لمن تقدم له الفنجان "تقهوة" أو "تفضل"، لافتا انه على متناول الفنجان أن يصحح من جلسته ويهيئ نفسه ويتناول الفنجان بيده اليمنى ويهز فنجانه عند الاكتفاء من الشرب ويقول "دايم". أما في مناسبة العزاء يتحاشى شاربها، الرد بكلمة "دايم" ويكتفي بالترحم على المتوفي.
ويضيف أن هناك مسميات لفناجين القهوة ، منها فنجان «الهيف»، الذي يشربه المعزب أمام ضيوفه لإثبات سلامة القهوة، وفنجان «الضيف» باعتباره يحل محل العيش والملح بين المضيف والضيف، و«الكيف» الخاص بالتذوق والمزاج، إضافة إلى «السيف»، الذي يلزم الضيف بالدفاع عن تلك العشيرة كونه بمثابة عهد بينهم ويدل على القوة والشرف.
وتقدم القهوة في الأفراح والأتراح ومن دون مناسبة أيضا، ما يجعل الاعتذار عن شربها في بيت المضيف من قلة الواجب وعدم الاحترام له.
وللقهوة أهمية في الحياة الاجتماعية، في حال ذهاب شخص لطلب معين أو خطبة ، أو عطوة عشائرية أو صلحه ، فيوضع الفنجان أمامه ولا يشربه حتى يسأله المضيف عن حاجته ويلبيها له بقوله «اشرب قهوتك وابشر بالي جيت فيه».