مدار الساعة - باءت محاولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لكسر حالة الجمود التي قسَّمت أغنى بلدان الشرق الأوسط بالفشل يوم السبت، 9 سبتمبر/أيلول، عندما تبادل زعماء قطر والسعودية الاتهامات والتصريحات المتناقضة بعد التحدث على الهاتف للمرة الأولى منذ شهور.
وكان ترامب هو من رتب المكالمة الهاتفية، التي وقعت في وقتٍ متأخر من يوم الجمعة، ووعد بانفراجةٍ في هذا النزاع المرير الذي دفع بالخليج إلى حالةٍ من الفوضى هددت المصالح الأمنية الأميركية، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وكان الأمير تميم بن حمد آل ثاني قد أجرى اتصالاً بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في وقت مبكر من صباح السبت، لحلحلة الوضع الجامد في الأزمة الخليجة، ولكن بعد ساعات من الاتصال سارعت السعودية بالإعلان عن وقف الحوار مع قطر بحجة تلاعب وكالة أنباء قطر الرسمية بالكلمات فيما يخص الاتصال الأول بين الزعيمين منذ بدء الأزمة قبل 3 أشهر.
وفرضت السعودية الإمارات ومصر والبحرين منذ شهر يونيو/حزيران حصاراً بريا وجوياً وبحرياً على الدولة الغنية بالغاز، متهمةً إياها بتمويل الإرهاب والتمتع بعلاقةٍ حميمة مع إيران. وقد رفضت قطر هذه الاتهامات، وردت بأنَّ خصومها يحاولون تقويض سيادتها وترويض شبكة الجزيرة الإعلامية.
وقد تدخل ترامب الأسبوع الماضي، عارضاً خدماته بصفته وسيطاً، وتوقع نصراً سريعاً.
وقال ترامب في البيت الأبيض يوم الخميس وهو يقف بجانب أمير الكويت، الذي قاد الجهود العربية لإنهاء هذا الركود: "أظن أننا سوف نحظى باتفاقٍ سريعاً جداً".
اتصالات لحل الأزمة
لكن يبدو أنَّ مكالمة يوم الجمعة بين أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لم تؤدِ إلا إلى تأكيد صعوبة حل هذا النزاع الغاضب التافه في أغلبه، بحسب الصحيفة الأميركية.
وأصدرت وكالة الأخبار القطرية بعد ساعاتٍ من المكالمة بياناً قالت فيه إنَّ الأمير "رحب بالمقترح" الذي تقدم به الأمير السعودي الشاب بتعيين مبعوثي سلام للمساعدة على حل الخلافات.
وقد أغضبت هذه اللغة السعوديين، الذين يبدو أنَّهم قد أُهينوا من اقتراح أنَّهم هم من تنازلوا أولاً في النزاع. فردت وكالة الأخبار السعودية بتقريرٍ نقلت فيه عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم اتهام قطر بتشويه الحقائق، وأعلنت أنَّ الحوار بين البلدين قد عُلِّق.
وبحسب الرواية السعودية، فالقطريون هم من اقترحوا أولاً فكرة تعيين وسطاء لتحقيق السلام.
وقد سافر عددٌ من المبعوثين خلال الصيف الجاري إلى الخليج لعقد محادثات، بما في ذلك وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون.
والأحد 10 سبتمبر/أيلول 2017، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف السعودية، في زيارة رسمية وتحدث مع نظيره السعودي عادل الجبير، عن الأزمة الخليجية، داعياً إلى ايجاد حل دبلوماسي للأزمة.
وأكد الجبير في المؤتمر الصحفي على أن الدوحة تعرف ما هو مطلوب منها، متهماً قطر بدعم الإرهاب وإيواء اشخاص تضعهم الرياض على قوائم الإرهاب، الأمر الذي تنفيه الدوحة بشكل مستمر.
ونشب سباقٌ على النفوذ في واشنطن، أنفق فيه الطرفان مبالغ طائلة على جماعات الضغط ووكالات الإعلان في محاولة للتأثير على الرأي العام والسياسي. ويوم السبت، نشرت المنافذ الإعلامية السعودية الرسمية عبر موقع تويتر بياناً مزيفاً لتنظيم (داعش) يُعرِب فيه عن دعمه لقطر.
وكشف مغردون على الشبكات الاجتماعية أن هذا البيان مزيف، لان التنظيم الجهادي شن لأكثر من مرة هجوماً على قطر، ودول الخليج الأخرى متهماً إياها "بالكفر".
وقارن مغردون بين البيانات التي تصدر دوماً من قبل داعش وبين البيان المزعوم الذي نشرته وسائل الإعلام السعودية، وكشفوا الفرق الكبير بين البيانين، مما يؤكد على أنه مفبرك.
وبحسب نيويورك تايمز قال بعض المحللين إنَّ مكالمة يوم الجمعة، حتى مع عدم نجاحها، توقظ الأمل بأنَّ الطرفين مستعدان أخيراً للنقاش، فقد رأى آخرون أنَّ هذه المكالمة مؤشرٌ على ما وصل إليه الطرفان من تعنتٍ في موقفهما.
هاف بوست