انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

مؤتمر الأمة الإسلامية السنـــوي الأعـظــــم

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/08/31 الساعة 00:57
حجم الخط

يعقد في كل عام أكبر مؤتمر أممي في الأرض، حيث يجتمع ما يزيد عن مليوني شخص من كل جنبات الأرض، ومن كل الجنسيات والألوان والأعراق الإنسانية، يجتمعون في صعيد واحد، وقد جمعهم أمر عظيم مشترك يتمثل في المقصد الواحد الذي ينبع من عقيدة التوحيد والتوجه إلى الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، من أجل إعلان التجرد والاخبات والانابة والتوبة وطلب المغفرة، والعزيمة على بدء حياة جديدة قائمة على فعل الخير والعمل الصالح ، والبعد عن الظلم والاقلاع عن فعل المعاصي والذنوب ، والشروع في عملية تهذيب للنفس من أجل إمكانية السير على الصراط المستقيم.
كان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب يستثمر في هذا المؤتمر السنوي العظيم ليجعل منه مناسبة مهمة في عملية بناء الأمة، من خلال الطلب من كل الولاة والقادة السياسيين والعسكريين، وكل أصحاب الشأن العام شهود هذا الاجتماع الرسمي المهيب في هذا الموسم بعد اتمام المناسك، من أجل القيام بجردة حساب شاملة، والاطلاع على الإنجازات العامة، والوقوف على مواقع الخلل، وتقويم الإنحرافات التي قد تصدر من بعض أصحاب المسؤولية من أجل المعالجة واسترداد الحقوق وإعادتها إلى أصحابها، وقد روت كتب التاريخ والسير أنه كان يتم محاسبة الولاة في هذا المؤتمر العام، ويقول لهم: «أيها الناس .. ألا وإني لا أرسل عمالي ليضربوا أبشاركم ويأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنن نبيكم، فمن فعل فيه سوى ذلك فليرفعه إليّ، فوالذي نفسي بيده لأقصنه ..» حيث كان يستقبل كل الشكاوى على العمال وأهل المسؤولية العامة في موسم الحج، وكلنا يعلم قصة ابن عمرو بن العاص الذي ضرب القبطي.
زعماء العالم الإسلامي معنيون بتطوير هذا المؤتمر، ومعنيون من الاستفادة من هذا الموسم من أجل تحقيق الوحدة بين شعوبهم ومعالجة الاختلالات التي قد تحدث خلال العام المنصرم في كل موسم حج، ومعنيون بالاطلاع على مشاكل المسلمين في كل العالم، وكذلك الفقهاء والعلماء والمفكرون معنيون بتطوير هذا اللقاء من أجل تعظيم الايجابيات وتقليل السلبيات، وتعزيز المفاهيم السليمة ومنظومة القيم النبيلة المشتركة المستمدة من الإيمان بالله وحس الدعوة إلى الاسلام ، بحيث لا يتم الاقتصار على الشعائر بشكل روتيني جاف، والاكتفاء بأداء عبادة خالية من الروح وخالية من المعنى وخالية من المقاصد العظمى لهذه الفريضة العظيمة التي تؤدى مرة في العمر، و التي يأتيها الحجيج من كل فجّ عميق، حيث أن ذلك يشكل فرصة عظيمة لا تتحقق لأمة من الأمم، على الصعد السياسية والاقتصادية والتربوية وعلى جميع المستويات الرسمية والشعبية والفردية، وتنبثق من هذا اللقاء فرص اللقاء والتعارف والتثقيف والتعاون في كثير من مجالات الحياة الواسعة وكثير من المشاريع الجديدة على مستوى القارات الخمس.
ما يشعر بالحزن أن معظم قصص الحجيج بعد رجوعهم تدور حول الشكوى من الخدمات، وأماكن السكن وحافلات النقل وتوفير وجبات الطعام ومشاكل شركات النقل والمطوفين وما ينشأ عنها من نزاعات واختلافات تفسد العبادة وتملأ النفوس غلاً وضغينة، مع أن فريضة الحج شرعت من أجل تطهير النفوس من الضغائن والأحقاد، وإلهاب الحنين نحو مشاعر الصدق والأمانة ،وحب تقديم الخدمة للناس، وتعويد النفس على الصبر والتحمل وترك الجدال (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنّ َالْحَجّ َفَلَا رَفَثَ وَلَافُسُوق َوَلَاجِدَالَ فِي الْحَجِّ)، (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) وابتهال الفرصة لإعادة بناء نفسه من جديد، حتى يعود إلى بيته وأهله وكأنه ولد من جديد، لكن ذلك يحتاج إلى توجيه وتوعية وتثقيف وتهذيب وتأهيل قبل الحج وأثناء الحج وبعده، من أجل أن تحقق هذه الشعيرة مقاصدها وغاياتها وأهدافها على المستوى العام وعلى المستوى الخاص والفردي بشكل ناجح.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/08/31 الساعة 00:57