اسعار المحروقات بدأت تشهد ارتفاعا عالميا ملموسا وبشكل حاد منذ بداية الشهر الحالي ، الامر الذي يعني ان رفع اسعارها في السوق المحلي امر حتمي وتحديدا على مادة الديزل والتي شهدت ارتفاعا ملموسا على اسعارها وبما يقارب 11% مقارنة مع الشهر الماضي ، فماذا على الحكومة والمستهلكين ان يفعلوا لتخفيف حدتها وانعكاساتها محليا ؟.
الواقع يقول ان هامش المناورة لدى الحكومة في ملف المحروقات غير متاح حاليا لضعف قدرتها وامكانياتها المالية التي تعاني من عجز كبير في موازنتها ، واعتمادها المباشر على الايرادات الضريبية من المشتقات النفطية لتلبية احتياجاتها كصرف رواتب الموظفين التي تبلغ نحو 70% من الموازنة ، بالاضافة لمصاريفها الرأسمالية والادارية والمخصصات المقررة لغايات تنفيذ خططها المستقبلية من مشاريع وبنى تحتية ، الامر الذي يجعل من قدرتها على امتصاص تلك الارتفاعات كما في السابق امرا اشبه للمستحيل .
الحكومة في العام الماضي قامت بتثبيت اسعار المحروقات لمدة خمسة شهور وهذا كلفها ما يقارب 550 مليون دينار عوائد فائتة من الضرائب التي تحصلها من وراء بيع المحروقات ، وهذا مالم تتوقعه الحكومة في حينها فهي لم تعلم ان الحرب الروسية الاوكرانية ستشتعل وتشعل معها اسعار النفط والمحروقات فبقيت ملتزمة بقرارها بتثبيت اسعار المحروقات طيلة فصل الشتاء الماضي ، واما هذه المرة فلا اعتقد ان الحكومة تستطيع او لديها قدرة على تحمل ما تحملته في المرة الاولى والتي اضطرت للاستدانة من اجل تعويض النقص في الايرادات وتراجعها .
جميع المؤشرات والتوقعات العالمية تبين ان اسعار المحروقات ستشهد ارتفاعات عالمية ملموسة في الشهور المقبلة وتحديدا على مادة الديزل وبأن هذا الارتفاع لن يكون الاخير خلال الشهور المتبقية من العام الحالي والذي قارب على الانتهاء ، للتوقعات التي تشير الى ان اسعار النقط ستعود لتسجيل ارتفاعات ملموسة لكثير من العوامل واهمها التخفيض الطوعي من قبل الدول المنتجة للنفط كالسعودية وروسيا .
أسعار النفط سجلت ارتفاعا ملموسا أمس بعد أن أظهرت بيانات الصناعة انخفاضا كبيرا في مخزونات الخام في الولايات المتحدة وهي أكبر مستهلك للوقود بالعالم، وفي ظل مخاوف الإمدادات بسبب الإعصار إداليا ، ما دفع اسعار النفط برنت لتسجيل 85.66 دولار للبرميل ، وهذا يعني ان اسعار المحروقات قد ترتفع محليا لمستويات غير مسبوقة هذا الشهر مقارنة بالشهور الماضية .
خلاصة القول ، تكمن في ان الحكومة لن تستطيع وليس بقدرتها الا ان تعكس ارتفاع الاسعار العالمية على اسعار المشتقات النفطية محليا وستكتفي في تخفيف حدتها من خلال الاستمرار بدعم وسائل النقل العام وتقديم التسهيلات للقطاع الخاص ، واما الدور الرئيسي بالحد من انعكاسات الاسعار عالميا فيتوقف على المستهلكين انفسهم من خلال تخفيف استهلاك المحروقات وتغير انماط استهلاكهم