كنت أحظى بلقاء خاص مع صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد المعظم، وكان بعض الحديث يدور حول جماعة عمان لحوارات المستقبل ونشاطاتها وخططها المستقبلية، عندما دخل على سموه من يبلغه بأن والده جلالة الملك بانتظار سموه ليرافقه إلى السلط، لتقديم واجب العزاء بالراحل المرحوم باذن الله الدكتور عبد اللطيف عربيات، رئيس مجلس النواب الأسبق، والعين الأسبق، والرمز الإسلامي الكبير، والمعارض المعروف، لكن معارضة الرجل لم تمنع جلالة الملك من أصطحاب ولي عهده للعزاء بالرجل الذي خبر جلالته صدقه واخلاصه، فخيار الناس هم أهل الصدق والاخلاص والوفاء، ففي كثير من الأحيان يكون من يقول الرأي الاخر أشد اخلاصا ممن يقول الرأي المطابق، فيزين الخطأ، مؤثرا سلامته الشخصية على سلامة قائده وسلامة وطنه،وشتان بين المعارض الذي يقول مايعتقد انه صواب وبه مصلحة وطنه وقيادته، وبين من يعارض بهدف الاستعراض الشخصي ،وتحقيق المنافع الشخصية، في بلد صار فيه الردح والشتم اقصر الطرق لتحقيق مكاسب شخصية، وشتان بين المعارضة الصادقة، وتلك الكاذبة، وشتان بينهما وبين الولاء المزيف، القائم على النفاق، كما أنه ليس كل من قال رايا مخالفا هو معارض، وهي حقائق يعرفها جلالة الملك حق المعرفة،مثلما يمقت جلالته النفاق والمنافقين، فظل يحترم الرجال من أمثال الدكتور عبد اللطيف عربيات رحمه الله، في حياتهم ومماتهم.
لقد تذكرت هذه الواقعة وانا اقرأ في الاخبار كيف ان جلالته وسمو ولي عهده وعدد اً من الأمراء، كانوا في طليعة موكب تشييع جثمان احد قادة القوات المسلحة الأردنية، ورفاق السلاح لجلالته في القوات الخاصة، العين المرحوم جمال الشوابكة رحمه الله، وجلالته بهذا السلوك السامي يجسد صفة الوفاء، باجلى صورها، مثلما يقدم قدوة تربوية عملية لسمو ولي عهده ويورثه الصفات النبيلة، والأخلاق الحميدة، وأسس الملك الرحيم.