كمن «يشتري الموت» هذا هو الوصف المنطقي الذي يمكن ان يتم اطلاقه على كل من ينفق جزءا من دخله لشراء السجائر ومشتقات التدخين وعلى حساب اولويات استهلاكية اخرى مهمة ورئيسية يتذمر هو نفسه من ضعف قوته الشرائية وعدم قدرته على تلبيتها، والسؤال هل اصبح «الموت» يشترى؟.
هناك مفارقة كبيرة ما بين ما نشهده من حالة تذمر من قبل كثيرين حول تدني دخولهم وتراجع القوة الشرائية لديهم على سلع اساسية واولويات مهمة وما بين ان نحتل المرتبة الاولى بالتدخين عالميا وبمستويات قياسية تفوق الخيال، وباحصائيات تبين ان ما يقارب 60% من اجمالي السكان يدخنون السجائر وغيرها من انواع التبغ، وبان الأردن وبسبب ارتفاع نسبة التدخين ينفق ما يقدر بـ 2.6 مليار دولار نفقات للرعاية الصحية ومقابل فقدان الإنتاجية.
الخطير في مسألة التدخين في الاردن انها باتت منتشرة ما بين جميع الفئات، حيث ان تقريرا للبنك الدولي بين ان الأردن سجل «أعلى» معدلات التدخين بالعالم، وبأن 24% من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 13-15 عاما في المملكة هم من المدخنين الحاليين، وهو أمر «مثير للقلق» وخطير جدا ويساهم باستنزاف الشباب والقوة الاقتصادية والشرائية للاسر وتحديدا الفقيرة ومتوسطة الدخل.
التقرير ايضا يشير الى ان أكثر من 6 من كل 10 رجال اي (41% من إجمالي السكان البالغين) يعاودون التدخين»، لافتا النظر إلى أن المملكة سجلت المركز الأعلى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعدلات التدخين، الامر الذي يتطلب من قبل الجهات الرسمية التشديد والتشدد باجراءات مكافحة التدخين والتي من ابرزها رفع اسعارها وفرض مزيد من الضرائب عليها لجعل عملية الحصول عليها صعبة وليست بمتناول الجميع.
الأرقام الصادرة تشير إلى أن معدل استهلاك الفرد مقارنة مع حصته من السجائر سنوياً تظهر أنه ينفق ما يقارب 1500-2000 دينار في العام الواحد أي ما يعادل 150 إلى 200 دينار شهرياً، وهذه المبالغ من حيث المنطق والواقع الشرائي يمكن لها ان تعدل بنسب القوة الشرائية للكثير من المواطنين وتحديد اصحاب الدخول الفقيرة والمتوسطة، وخاصة الدراسات تشير الى ان اصحاب تلك الدخول هم الاكثر استهلاكا للسجائر.
نصيحة مجانية لكل مدخن ومهما كان عمره ودخله لا تكن من ضمن تسعة آلاف إنسان يموتون سنوياً في الأردن نتيجة أمراض يسببها التدخين، ولتذهب سريعا لوقف هذه العادة الاستهلاكية السيئة والتي ينفق عليها من جيبك وجيب غيرك من المدخنين ما يقارب نحو 1.6 مليار دينار أو ما نسبته نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، فلنبدأ من اليوم بمحاربة هذا «القاتل الرخيص».