أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات وفيات جامعات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الطاقة النووية (5) دورة الوقود النووي (التحديات)


الدكتور علي المر
مدير الطاقة النووية الأسبق

الطاقة النووية (5) دورة الوقود النووي (التحديات)

الدكتور علي المر
الدكتور علي المر
مدير الطاقة النووية الأسبق
مدار الساعة ـ
يطلق اسم دورة الوقود النووي على مجموعة العمليات والصناعات التي تتم على اليورانيوم من لحظة استخراجه من باطن الأرض (كمادة خام) إلى أعادته إلى باطن الأرض لدفنه (كنفايات مشعة) بعد استخدامه.
تستخدم المفاعلات النووية الرائجة في السوق الدولي اليورانيوم المخصب، الذي يزيد فيه تركيز عنصر اليورانيوم-235، القابل للانشطار، عن خليط اليورانيوم الموجود في الطبيعة (والمكون من اليورانيوم-235 بنسبة 0.7% واليورانيوم- 238 بنسبة 99.3%).
تمر عملية تخصيب اليورانيوم في سلسلة طويلة من العمليات الصناعية، المكلفة والمستنفدة للطاقة والوقت، تشمل: مصنعًا لإنتاج ركازة اليورانيوم المعروفة بالكعكة الصفراء (أو ثامن أكسيد اليورانيوم) من الصخور الحاوية على اليورانيوم؛ ومصنعًا لتحويل الركازة إلى ثاني أكسيد اليورانيوم؛ ومصنعًا لتحويل هذا المعدن الصلب إلى غاز يسمى (سداسي فلوريد اليورانيوم)؛ ومصنعًا أو مجمعًا صناعيًا ضخمًا، يضم آلاف الطرادات المركزية، التي تظل تعمل ليل نهار دون توقف، ولمدة زمنية طويلة، لزيادة تركيز اليورانيوم- 235 القابل للانشطار، بالنسبة المطلوبة، في الوقود النووي (اليورانيوم المخصب).
وكما يتبادر إلى الذهن فإن هذه السلسلة الطويلة من الصناعات (حتى لإنتاج نسب متدنية من التخصيب) تتطلب مهارات فنية عالية وكلفًا كبيرة. ولا يمكن أن يكون العمل مجديًا، إلا إذا كان حجم الإنتاج كبيرًا؛ وهذا يتطلب برنامجًا نوويًا ضخمًا، في البلد المنتج، أو سوقًا دولية واسعة ومضمونة؛ وكلاهما غير متاح.
والواقع أن هذا الخيار غير مجدٍ بالنسبة لبلد صغير، كالأردن، فضلًا عن كونه غير ممكن بسبب كلفه الباهظة وتقلبات السوق الدولي وإحجام أرباب المال عن الاستثمار فيه لارتباطه بقدرات التسليح النووي، القيود الدولية. وإن ما يمكن أن تقوم به الدولة المحدودة الإمكانيات، إذا توفر لديها احتياطي كاف من خام اليورانيوم، هو إنتاج ركازة اليورانيوم (أو الكعكة الصفراء) وبيعها بعقود طويلة الأجل عادة، أو مقايضتها بالوقود المصنع، المخصب أو غير المخصب.
تعتمد كلفة وحدة الإنتاج (الكيلو غرام) من هذه المادة على حجم الإنتاج وجودة الخام وظروف بيئية وموضعية. وهي كصناعة غير مكلفة نسبيًا (100- 1000 مليون دولار) لمصنع (بحدود 500 – 1000 طن إنتاج سنوي). وكعملية صناعية فهي بسيطة جدًا وسهلة. إذ يكفي أن يتخلل الماء في كومة من الصخور الحاملة لليورانيوم المكسرة، فتتحرر الركازة الصفراء من الصخور، وتجمع وتجفف. وتضاف عادة كميات من الكيميائيات (مثل حمض الكبريتيك) الذي ينتج منه الأردن كميات كبيرة، لتحرير محتوى اليورانيوم من الصخور.
في الأردن أنشأت وزارة الطاقة (مديرة الطاقة النووية)، في أواخر الثمانيات، مشروعًا رياديًا لاستخلاص الكعكة الصفراء من الفوسفات، بالتعاون مع شركة الفوسفات الأردنية؛ وآخر لاستكشاف مصادر اليورانيوم التقليدي (غير المرتبط بمواد أو معادن أخرى كالفوسفات)، بالتعاون مع سلطة المصادر الطبيعية، وكلا المشروعين بدعم مالي وفني من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولقد أسفر المشروع الأول في مرحلته الأولى عن إنتاج 1 كيلو غرام عام 1990؛ وأسفر الثاني عن كشف ما يقرب من 26 ألف طن من ركازة اليورانيوم، في منطقة سواقة وقربها. إن أهم العوامل التي تؤثر على اقتصاديات أي مشروع لإنتاج الركازة الصفراء هي نسبة تركيز خام اليورانيوم في الصخور والأسعار العالمية للطاقة وطبيعة التكوين الجيولوجي للصخور الحاملة للخام. ويبلغ سعر بيع الركازة الصفراء، حاليًا، بعقود آجلة (كما هي العادة) حوالي 128 دولار للكيلو غرام.
في الأعوام ما بين 2000 و2008 ازداد الطلب على الطاقة بشكل كبير جدًا، وتصاعد سعر برميل النفط ليسجل أعلى رقم في تاريخه عند 147 دولار، عام2007، بعد أن ظل يراوح حول 20 دولار للبرميل في المعدل في الثمانينات والتسعينات؛ وارتفع تبعًا لذلك سعر اليورانيوم ليبلغ 300 دولار للكيلو غرام. وتحسنت بذلك فرص استثمار اليورانيوم المنخفض التركيز. ما دعا سلطة المصادر الطبيعية الأردنية (إدارة مشروع اليورانيوم) إلى النظر في إمكانية استثمار اليورانيوم في الأردن.
غير أن هذا المنحى المتصاعد عاد إلى الانخفاض، إثر حادثة فوكوشيما، وقيام العديد من الدول بوقف محطاتها النووية عن العمل؛ وبسبب التطور السريع في مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة. ولا يعرف متى سيستعيد سعر اليورانيوم عافيته، ولكن غالبًا ما تكون فترات الذروة في أسعار اليورانيوم قصيرة في حين قد تستمر الأسعار المتدنية لعدة عقود، وفق مصادر الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحاليًا تتحدث مصادر هيئة الطاقة الذرية الأردنية (2022) عن إمكانية إنشاء مشروع لإنتاج ركازة اليورانيوم الصفراء بواقع 400 طن ترتفع في النهاية لتصل 800 طن في السنة، ليستخدم كوقود مستقبلي لمحطات الطاقة النووية.
يتبع: محددات استخدام القدرات النووية (محطات توليد الطاقة)
مدار الساعة ـ