إن أردت أن تعرف لماذا تنجح شركة هنا وتفشل شركة هناك، ولماذا تحقق شركة أرباحا بملايين الدولارات، وشركة أخرى تتطابق معها في الوصف والعمل ولكنها تحقق خسائر بالملايين
ما عليك إلا أن تبحث عن الرأس (القائد)
الذي يقود هذه الشركة وأن تدقق في سجل مساعديه وأعوانه وبطانته، فبطانة الرجل هم خاصته وأصحاب سره ومشورته، فهم الذين زينوا له السوء، وحرضوه على البطش والتكبر وعدم احترام الآخر في حالة الفشل
وهم كذلك من أوصله إلى قمة التقدم والازدهار في حال النجاح.
في اللغة، البطانة داخل الثوب وجمعها بطائن، وظاهر الثوب يسمى الظِهارة . وبطانة الرجل: خاصته – كما جاء في زهرة التفاسير- الذين «يعرفون خفايا أمره، ومكنون سره، ويستبطنون ما يخفى على غيرهم، فيعرفون موضع قوته وضعفه، ويتخذ منهم مستشاريه الذين يستشيرهم، ويستنصحهم أن احتاج إلى نصيحة».
وقيل منذ القدم الطيور على أشكالها تقع، فمن المستحيل أن تجد قائدا فاشلا ومن هم حوله أقوياء والعكس صحيح.
اليوم في الكثير من المؤسسات تجد أن المراكز المتقدمة أو ما يسمى الإدارة العليا في هذه الشركات يتم اختيارهم من نفس (العلبة) التي ينتمي إليها المدير العام حتى في أمانتهم وأخلاقهم تجد هذا التقارب ، فمستحيل أن تجد مديرا خائنا للأمانة ومن حوله مديرون على قدر المسؤولية والأمانة إلا القليل...
كثير من الشركات تطبعت بأشكال الفشل والفساد والترهل، وعندما تبحث عن اصل المشكلة تجدها في قمة الهرم وزمرته، لأجل ذلك من الخطأ أنك عندما تريد معالجة هذه الاختلالات أن تنطلق بنظافة السلم من أسفل، لأن السلم إذا لم يكن في أعلاه نظيفا، فإنه لن يتخلص أبدا في أسفله ومنتصفه من الاتساخ.
بقناعتي رأس واحد سليم وصالح ومفكر ومبدع، يستطيع أن يحقق نجاحا باهرا، ويرسي قواعد لازمة للتقدم والازدهار والتفوق والنجاح، كما أنه يضيف قوة للمجتمع فيكون لهم قدوة وعونا وعنوانا، لأنه لا يوجد مجتمع قوى، دون مؤسسات قوية فاعلة وأشخاص على قدر المسؤولية.
أحد أهم فشل الكثير من شركات دول العالم الثالث أن آليات الاختيار والتقييم لا تعتمد على النهج المهني والانتقاء السليم، ولا تحترم معايير الأمانة والكفاءة والخبرة لذلك تجدها تواجه صعوبة بالغة في تحقيق النجاح والتقدم والازدهار والبناء حتى وإن حققت طفرة هنا أو طفرة هناك فانها لن تدوم ...
لم تعد سياسة المدير الأوحد ( أبو العريف) الذي يفهم في كل شارده وواردة ويتحكم بمفاصل الشركات تصلح في زمن أصبح البقاء للأفضل والأقوى والأكثر ديناميكية.
لذلك أقولها لمن يبحث عن الأمل في تجاوز الفشل، وخصوصا في الشركات التي يمتلكها أفراد، ابنِ لذاتك ولشركاتك قواعد تصنع لك النجاح، عمادها أن الجميع شركاء في العمل وأن الشركات لا تزدهر إلا بتكاتف كافة العاملين مهما كبر مكانه أو صغر.
عليك يا صاحب العمل إن كنت تبحث عن الاستمرارية والتقدم أن تحترم الخبرات وأن تقدر أهل الأمانة والقوة وأن لا تتجاوز أهل الهمم فهم بعد الله لك عون وللشركات مفتاح وسرور
ولنا في قصة سيدنا موسى مع بنات سيدنا شعيب عبرة لمن (كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) قال السعدي في تفسيره: {{قالت إحداهما}} أي: إحدى ابنتيه {{يا أبت استأجره}} أي: اجعله أجيرا عندك، يرعى الغنم ويسقيها، {إن خيرا من استأجرت القوي الأمين} أي: إن موسى أولى من استؤجر، فإنه جمع القوة والأمانة، وخير أجير استؤجر، من جمعهما، أي: القوة والقدرة على ما استؤجر عليه، والأمانة فيه بعدم الخيانة، وهذان الوصفان، ينبغي اعتبارهما في كل من يتولى للإنسان عملا، بإجارة أو غيرها.، فإن الخلل لا يكون إلا بفقدهما أو فقد إحداهما، وأما باجتماعهما، فإن العمل يتم ويكمل، وإنما قالت ذلك، لأنها شاهدت من قوة موسى عند السقي لهما ونشاطه، ما عرفت به قوته، وشاهدت من أمانته وديانته، وأنه رحمهما في حالة لا يرجى نفعهما، وإنما قصده بذلك وجه الله تعالى.