التأكيد الذي جاء على لسان رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة ومفاده أن الحكومة لم ولن تمس وبأي شكل من الاشكال استقلالية البنك المركزي، وبانها لن تتدخل على الاطلاق بقراراته المتعلقة بالسياسة النقدية أمر بغاية الأهمية ويقطع الطريق على الأصوات الشعبوية التي تطالب الحكومة بالتدخل لوقف رفع أسعار الفائدة، فلماذا لا تتدخل الحكومة بقرارات «المركزي"؟.
لا احد يمكن له أن ينكر الدور الذي قام به البنك المركزي طيلة السنوات الماضية بالمحافظة على الاستقرار النقدي والمالي وحماية الاقتصاد الوطني من الدخول بغياهب ويلات التحديات والمتغيرات المتسارعة عالميا وبالمنطقة تحديدا، بدءا من الربيع العربي وما خلفه من نتائج كارثية وصولا لجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التي رمت بتبعاتها على اقتصاديات الدول عالميا، بينما نحن وبفضل «البنك المركزي» والعديد من الاجراءات الحكومية الحصيفة لم نشعر بها.
اقتصادنا اليوم وبفضل الاجراءات الاستباقية المميزة التي اتخذها البنك المركزي يتمتع باستقرار نقدي ومالي قل نظيره بالعالم ما ساعده على تجاوز وعبور مختلف التحديات الصعبة بمرونة وقوة، وهذا ما جعلنا نذهب سريعا لاعداد «رؤية التحديث الاقتصادي» والتي تهدف في كل ما فيها الى المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي والبناء عليه لالتقاط الفرص المتاحة والتي تساعد على تحفيز النمو وجذب الاستثمارات الاجنبية.
البعض حاليا يطالب الحكومة بالتدخل لوقف رفع اسعار الفائدة من قبل المركزي وكما انهم يعتقدون ان قرار رفع الفائدة جاء اعتباطا وليس لان العالم يشهد موجات تضخم غير مسبوقة، فهم لربما لا يعلمون ان احد اهم اسباب استقرارنا النقدي والسيطرة على معدلات تضخم مستقرة سببه يعود لقرار رفع اسعار الفائدة، فلولا رفع اسعار الفائدة لارتفع التضخم لمستويات كبيرة تؤدي لانهيار الطبقة الوسطى ورفع نسب الفقر.
اهم ما في قرار رفع اسعار الفائدة خلال الفترة الماضية يكمن في اننا استطعنا ان نحافظ على اسعار السلع مستقرة دونما ان تشهد شططا او ارتفاعا ملموسا ففي معدل التضخم عند معدلات لم تتجاوز 4.2 % وها هو حاليا يشهد انخفاضا الى 2.7% وهو الاقل في المنطقة ان لم يكن في العالم، وكذلك استمر دينارنا في حصد المكاسب مقابل العملات الاخرى نتيجة ارتفاع الثقة فيه من قبل المستثمرين ما انعكس على انخفاض «الدولرة» لأقل مستوى لها تاريخيا وبنسبة 18.3 %.
"البنك المركزي» قصة نجاح أردنية حقيقية ونموذج بالإدارة النقدية الحصيفة ومقصد للاستشارات من قبل البنوك المركزية بالعالم والمنطقة، وهذا ما تأكد خلال مواجهته لجملة التحديات التي عكسها وبحكمة ورؤية استباقية لفرص ونتائج ايجابية نلمسها جميعا من خلال معدلات النمو الاقتصادي التي يسجلها الاقتصاد الوطني، وهذا ما كان ليتحقق لولا استقلالية القرار عند «المركزي» بعيدا عن الشعبويات والتنظير خارج إطار المسؤولية.