مدار الساعة - اجمع أمناء عامي أحزاب سياسية على أهمية الاحزاب في عملية الاصلاح السياسي وتعزيز المشاركة السياسية والارتقاء بالحياة النيابية والحكومية. لكنهم اجمعوا على استمرار وجود تحديات أمام عمل الاحزاب وتغلغل دورها في المجتمع لتكون هي الواجهة الاساسية للعمل السياسي واستكمال التحديث السياسي الذي يتبناه ويوجه له جلالة الملك عبد الله الثاني.
ولم يتردد امناء عامي أحزاب "إرادة" نضال البطاينة، و"تقدم" د. خالد البكار، والشعب الديمقراطي "حشد" عبلة ابو علبة، في انتقاد الحكومة لما اعتبروه "عدم أخذ" دورها الحقيقي في تشجيع الشباب على الاقبال على الاحزاب، ووجود ممارسات رسمية ما تزال تحول دون هذا التشجيع، بالرغم من الانتهاء و"النجاح" في الجانب التشريعي تجاه قانوني الاحزاب والانتخابات، والالتزام الى حد كبير بمخرجات لجنة التحديث السياسي الملكية على هذا الصعيد.
وعدّ المتحدثون الثلاثة، في أمسية صالون السبت الثقافي التي نظمتها دائرة البرامج والمرافق الثقافية بامانة عمان في مركز الحسين الثقافي براس العين مساء السبت، ان من ابرز التحديات التي تواجه الاحزاب، القديمة والجديدة ما بعد سريان قانونها المعدل في ايار الماضي، هو "المزاج السلبي العام" تجاه العمل العام ومن ضمنه الاحزاب، اضافة الى تراجع الثقة الشعبية بالمؤسسات العامة، وضعف التمويل للاحزاب، فضلا عن انطحان الناس تحت الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، والشعور العام بعدم الجدوى او القدرة على التغيير في ظل القرارات والسياسات الاقتصادية الرسمية المتبعة منذ عقود دون تغيير.
وفيما اكد الدكتور البكار، في الامسية التي ادارها الزميل ماجد توبه، على ضرورة تكاتف جميع المؤسسات ومكونات الدولة في انجاح التجربة الحزبية والمضي قدما في خيار الاصلاح السياسي والوصول الى الحكومات البرلمانية، اعتبر ان اتهام الأحزاب بأنها غير قادرة على محاكاة هموم الشارع الأردني؛ "مقاربة غير عادلة".
وراى البكار ان الاحزاب اليوم تعمل في ظل "بيئة طاردة للاحزاب"، بسبب التحديات التي تلقي بظلالها على المرحلة الراهنة وأبرزها: المزاج السلبي الشعبي العام، وتراجع الثقة بمؤسسات الدولة، وتحديات اقتصادية وتراجع منظومة التعليم. وقال "أن منظومة التحديث تمثل خارطة طريق متدرجة وتحتاج إلى ثلاثة مجالس نيابية للوصول إلى مرحلة النضج السياسي.
وأشار البكار إلى أن الحياة الحزبية بحاجة إلى وقت أطول "كي تكون فاعلة ومثمرة وتحقق نتائجها بالاصلاح المنشود والتنمية المستدامة، مشيرا إلى أهمية الدور الحكومي في التوعية السياسية حول الأحزاب ودورها في تبديد مخاوف المواطنين من الانتساب إليها والانخراط بالحياة الحزبية، معتبرا في هذا السياق ان "الحكومة وللاسف لم تقم بهذا الواجب".
واكد البكار ان التحدي الاكبر امام الاحزاب هو التحدي المالي، فالاحزاب تحتاج لموازنات مالية لافتتاح فروع وتشغيلها والمشاركة بالانتخابات، وقال "للاسف النظام المالي للاحزاب يخصص اموال للاحزاب ما بعد الانتخابات وفوز مرشحيها"
واعرب عن اعتقاده بان الاحزاب في سباق مع الزمن للانخراط بالاستحقاق الانتخابي المتوقع في تموز او اب القادمين، وعليها ان تكون جاهزة بقوائمها الانتخابية على الاقل في شهري شباط او اذار القادمين.
من جهته، أكد أمين عام حزب إرادة نضال البطاينة، ان الاحزاب والعمل الحزبي البرامجي بات حاجة ماسة لا يمكن الاستغناء عنها للمضي في الاصلاح بكل جوانبه، مستعرضا عددا من التحديات الاقتصادية والتنموية كالبطالة والاستثمار والتعليم ودور القطاع الخاص، والتي قال انها "لن تحل الا بالبرامجية"، وهذه باتت مطلوبة من الاحزاب لتحظى بدعم الشارع.
وراى ان السلطة التشريعية غاب عنها الدور الرقابي والضعف في الدور التشريعي وبات التركيز على الخدمي، فيما تغيب عن الحكومات البرامجية الحقيقية والخطط المحكمة للتعامل مع المشاكل والتحديات.
لذلك، يرى البطاينة ان المطلوب اليوم هو تغيير نمط الانتخاب والاعتماد على الحزبية البرامجية. وقال ان الاصلاح السياسي هو المطلوب الاساس، لانه هو ما يوفر الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي.
وشدد البطاينة على أهمية تمكين الشباب عبر تحقيق متطلبات اكثر من تلك التي نص عليها قانون الاحزاب، بوجود 20% من الشباب، وذلك لإقناع الشارع وقيادة معركة الوعي في تكريس العمل الحزبي، لافتا الإنتباه إلى أن، أكبر التحديات أمام الأحزاب هي التمويل والثقافة المنفرة من العمل الحزبي لدى المجتمع الأردني.
وتابع، أن الأحزاب يجب أن تقوم بتشكيل القوائم الحزبية الوطنية والمحلية بكل شفافية وإعطاء الشباب دورهم الفعلي، وإيصالهم إلى موقع صنع القرار من خلال بناء قدرات الأردن وشبابه عبر عمل مؤسسي برامجي.
وأوضح البطاينة، أن الأردن يواجه أعلى متوسط لمعدلات الشباب والعدد بازدياد، حيث أن المملكة تمر بمرحلة تسمى "بالهبة الديموغرافية" وهي المرحلة التي يبلغ فيها مجتمع الذروة في حجم السكان في سن العمل مقابل أدنى نسبة للسكان المعالين من الاطفال والمسنين، والذي سيعمل على رفع مستوى التحديات من حيث اشراك الشباب في جميع مراحل الاعداد والتخطيط والتنظيم والتنفيذ والتقييم.
بدورها، أوضحت امين عام "حشد" عبلة أبو علبة، ضرورة إجراء مراجعة تاريخية لدور الأحزاب منذ بدايات تأسيس الدولة الأردنية واسهاماتها في الحركة الوطنية، مشيرة إلى أن الاحزاب هي مكون رئيسي من مكونات الدولة الأردنية ونشات بنشوئها وقدمت الكثير، وفي فترات رحبت بها السلطة وفي اخرى لم ترحب بها.
ورات ان الثقافة المجتمعية النافرة من العمل الحزبي لها اساس يتعلق بغياب الحياة الديمقراطية والاحكام العرفية ما قبل الانفتاح الديمقراطي عام 1989، والمطلوب اليوم من الحكومة وكل المؤسسات ان تحد من كل ما ينفر من العمل الحزبي وان توسع الحريات العامة.
وأضافت ابو علبة أن، الأحزاب معنية بالحفاظ على الدولة الأردنية ومؤسساتها وثوابتها الوطنية، وعليها أن تكون أحزاب مجتمع لا أحزاب نخب، وتنخرط في قضايا المرأة والشباب وكافة الملفات الوطنية كالصحة والتعليم وتطوير البنى التحتية وغيرها.
واكدت ضرورة خلق مناخ جاذب للأحزاب وإطلاق الحريات العامة تحت مظلة الدستور، وعدم تفريغ المؤسسات من محتواها إذ أنها الجزء المكمل للتشريعات ذات العلاقة بالعمل الحزبي والسياسي، "والسلطة التنفيذية يجب أن لا يضيق صدرها من الانتقاد والمطالبة بالتحسين والتطوير".
وطالبت بمراجعة العديد من التشريعات النافذة وبعض الاجراءات باتجاه الدفع بحياة حزبية فاعلة، كالغاء شرط عدم الحزبية في البعثات الجامعية، وايضا السماح للجمعيات الخيرية بتنفيذ أنشطة ذات علاقة بالعمل السياسي والحزبي، وتعزيز اجواء الحريات العامة.