كانت الضمانات الملكية على الدوام حاضرة في محافل عديدة ومحاور مختلفة، ولطالما كانت تأتي في الوقت المناسب لتؤكد إلتزام الأردن في مسيرة التحديث والتطوير في جميع المجالات، وتدحض طروحات التشكيك والمشككين، وجاء حديث جلالة الملك مؤخراً ليحمل تأكيداً واضحاً وصريحاً وحزما وعزما يزيل الشكوك والهواجس حول جدية الإصلاح والتطوير والتحديث على الصعيد السياسي والاقتصادي والإداري خلال الفترة المقبلة.
عام مقبل سيشهد تحولات في المسارات الثلاث الأكثر أهمية وتُشكّل نواة التنمية والاستدامة، بدأها جلالة الملك في تشكيله للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي أفرزت نتائج توافقية لقوانين عصرية فيها التعددية والاختلاف وتُحفز العمل الحزبي والسياسي، ولربما الانتخابات النيابية القادمة تشكل قفزة نوعية في المسيرة السياسية للدولة ومشروعها التحديثي، وستؤسس لمرحلة مختلفة عما قبلها، يرعاها ويضمن ديمومتها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
صيف قادم سخونته؛ لا تقتصر على درجات الحرارة فقط، بل على أجواء التنافس السياسي بين الأحزاب للظفر بأكبر قدر من المقاعد في مجلس النواب لتشكيل تركيبة تحت قبة البرلمان تسمح في تشكيل حكومة برلمانية توافقية، ببرامج وازنة تجسد التجربة الأولى لرؤية التحديث والتطوير السياسي في إعطاء البرلمان دوره الحقيقي دستورياً في رسم السياسات العامة والمشاركة في إتخاذ القرارات الهامة، كما يعطي دوراً للأحزاب التي لم تحظى في تشكيل الحكومة البرلمانية لممارسة دور حكومة الظل وتفعيل دورها الرقابي على أكمل وجه.
لحظة فارقة وتاريخية في العمل السياسي أُردنيّاً تتطلب من الجميع دون استثناء تظافر الجهود للوصول إلى قاعدة مشاركة واسعة لتحقيق بيئة تشريعية جديدة تؤسس لمرحلة قائمة على التعددية السياسية ومحاولة زيادة الثقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية والرأي العام عبر أداء وخطاب مقنع، حيث أننا في سياق رؤية تحديثية فاصلة، تؤسس لأردن قادر على إنتاج نخبة تخدم آمال الناس، وتترجمها، برعاية ملكية.
نعم، إنه عام متابعة التحديث والتطوير السياسي والاقتصادي والإداري، وهو عام يحمل أيضاً اليوبيل الفضي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم ومرور 25 عاما على توليه سلطاته الدستورية لنبدأ بهذه المرحلة الهامة نحو أردن أفضل قوي ومرحلة تم تأسيسها برؤى ملكية وتوجيهات واضحة، ولا تراجع عن الإصلاح بمساراته الثلاثة التي أكدها وباركها جلالة الملك وشارك في صياغتها نخبة من أبناء الوطن.