يلوم الغرب روسيا على مقتل (بريغوجين), ويتهم بوتين شخصيا بقتله.. شاهدت ردة الفعل الألمانية والأمريكية والفرنسية, بالمقابل لم تتحدث ألمانيا عن قيام الولايات المتحدة (بشحططة) رئيس سابق منتخب وبطريقة شرعية لسجن جورجيا, لم تتحدث فرنسا عن إذلال ترامب وجعله يلتقط صورة جنائية.. ومن ثم بثها عبر الإعلام.

لا يوجد فرق بين اغتيال (برغوجين) واغتيال شخصية (ترامب), لكن الأول يبقى في التاريخ شخصا، قلب فوهة البندقية باتجاه موسكو, حاول إسقاط النظام.. قام باحتلال مركز العمليات العسكرية في روسيا, شتم قادة الجيش وهددهم بالتصفية.. تورط في أفريقيا, جمع أمولا ضخمة وفي لحظة ظن نفسه أنه يملك دولة عظمى بحجم روسيا..

ترامب ماذا فعل؟.. لا شيء لأن أمريكا تدرك أنه يمثل اليمين الأمريكي الوطني, وتدرك أن شعبيته بين الناس حقيقية وليست زائفة, هي تدرك أيضا أن خطوته تجاه الصين وروسيا كانت الإستيعاب وليس الصدام, وتدرك أنه لو بقي في السلطة لما دفع الأمريكان مليارات الدولارات من الدعم لأوكرانيا وفي النهاية..، في ذات الوقت تدرك أن (ترامب) هو نتاج رأس المال المتوحش الشرس, وهو نتاج الحزب الجمهوري الممتد والمتشعب وصاحب النفوذ.

ترامب في حكمه للولايات المتحدة, تحرر من عقدة بريجنسكي.. وتلامذته الذين انخرطوا في قلب القرار الأمريكي, وهو أيضا كان واضحا في ضحالة ثقافته السياسية ولا أظنه يعرف أو سمع (بنعوم تشومسكي) بل عبر عن الشخصية الأمريكية كما يجب.. كان واضحا في مسألة المصالح والمال, كان واضحا في اندفاعه وجنونه, في التعامل مع المهاجرين.. في زيف اللقاحات, حتى في ازدراء العرب.

الفارق بين روسيا والغرب, أن نموذج (بريغوجين) لن يتكرر, لأن الكل سيعرف ويدرك أن التمرد على الدولة في روسيا له عواقب وخيمة, وأن المصلحة العليا للبلاد أعلى من العلاقة مع الرئيس, بالمقابل في أمريكا سيخرج مليون نموذج لترامب..

(بريغوجين) سقط في الطائرة ومات, لكن ترامب بعد دخوله للسجن ودفع الكفالة, حلق بطائرته عائدا لنيويورك, فهي المرة الأولى في تاريخ هذه الدولة, والتي يجلب فيها رئيس سابق للسجن..