قبل عقد قمة بريكس المرتقبة دعا الرئيس الأمريكي بايدن لقمة ثلاثية في منتجع كامب ديفيد كل من رئيسي اليابان وكوريا الجنوبية للاجتماع معهم, لتحقيق أهداف إقتصادية وسياسية وعسكرية سيتم التطرق لها في هذاه المقالة, فبعد وضوح نتائج الحرب الروسية الأوكرانية والحسم الروسي, أصبح المشهد من شرق آسيا يتصدر الأخبار العالمية لسخونته, فلا زال شبح الاقتصاد الصيني وتمدده يطارد الولايات المتحدة وما شهدناه مؤخراً من تضييقات على الاقتصاد الصيني أكبر دليل على ذلك إضافة على إصرار الصين على مبدأ «الصين الموحدة", الذي يفسر بأن تايوا? هي جزء لا يتجزأ من الصين, كان لا بد من التجهيز لحرب بالوكالة من قبل الولايات المتحدة ودعم حلفائها بدءاً من اليابان وكوريا الجنوبية, وكذلك حماية شبه الجزيرة الكورية من أي هجوم مفاجئ قد تقوم به كوريا الشمالية على جارتها كوريا الجنوبية أو حتى على اليابان.
بعد هذه المقدمة ذات الخيوط المتشابكة لنبدأ بالتحليل الإقتصادي, إن الولايات المتحدة تراقب عن كثب قمة بريكس واجتماعهم في جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا وكيف أن بريكس المكون من خمس دول سيتمدد ويكبر, وسيغير قواعد اللعبة الإقتصادية العالمية التي وضعت منذ قرابة خمسة عقود وتسيطر عليها الولايات المتحدة, لذلك كان لا بد من قيام منظومة جديدة تقابل بريكس, فلو فرضنا أن من أهداف إجتماع كامب ديفيد هي أهداف إقتصادية فإن الولايات المتحدة ضمنت الإقتصاد الياباني الثالث عالمياً والذي يقدر ناتجه المحلي الإجمالي 4300 مليار دولار, إض?فة للإقتصاد الكوري الجنوبي الذي ناتجه المحلي الإجمالي 1734 مليار دولار ليشكلوا مع الولايات المتحدة ناتجاً إجمالياً محلياً 31069 مليار دولار وهذا يقارب الناتج المحلي لدول البريكس الخمسة.
أما بالنسبة للتحليل السياسي والعسكري سيمكن الولايات المتحدة من تقوية هذين الحليفين عسكرياً عن طريق بناء القواعد العسكرية وبيع السفن والطائرات والمنظومات الدفاعية والهجومية والأسلحة والمنظومات الأخرى وتقديم الدعم اللوجستي من مناورات وغيرها بمئات المليارات خلال الخمس سنوات القادمة, وهذا سيصب في صالح الإقتصاد الأمريكي من خلال دعم الشركات الدفاعية الأمريكية والتي تساهم بنسبة جيدة في الإقتصاد الأمريكي, إضافة إلى ردع الصين وكوريا الشمالية في أي إجراء عسكري من قبلهما.
لقد سبق كل ذلك زيادة في تسليح الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة حليفة لها في منطقة شرق آسيا وهي أستراليا, الفلبين وتايوان, فالملاحظ أن هناك حلفاً عسكرياً ستنشأه الولايات المتحدة شرق آسيا ليكون ردعاً ضد الصين إذا حاولت إحتلال جزيرة تايوان وضد كوريا الشمالية إذا فكرت بالإعتداء على جارتها كوريا الجنوبية, وحلفاً اقتصادياً آخر يضم نفس هذه الدول الست والذي ابتدأ بثلاثة دول من خلال اجتماع كامب ديفيد باسم حلف أو مجموعة JUS نسبة إلى
Japan, United State, South Korea كل ذلك وأوروبا تنظر إلى التطورات الإقتصادية العالمية باقتصاد منهك ومستبعد من أي حلف اقتصادي عالمي, بعد أن أضعفت الحرب الروسية–الأوكرانية الإقتصاد الأوروبي.
إذن الولايات المتحدة تُدير حلفين, حلف الناتو الأوروبي لإسناد أوكرانيا, وحلف الناتو الشرق آسيوي لإسناد تايوان وحلفائها عسكرياً ويقف بنفس الوقت أمام حلف بريكس الإقتصادي.
فالإقتصادات العالمية في الفترة القادمة ستبنى على الحرب الباردة والتحالفات الاقتصادية القوية, وستكون الولايات المتحدة بعيدة عن أي حروب عسكرية, لكن ماذا لو حصلت تلك الحروب؟ الجواب ستكون حرباً بالوكالة كما هي الحرب الروسية–الأوكرانية, وستكون أطرافها الدول الشرق آسيوية كونها الحرب الأقرب للحدوث.