سارعت الكثير من مؤسسات الدولة ومرافقها المختلفة في اتخاذ خطوات نحو أتمتة خدماتها المقدمة للمواطنين، ورغم التأخير الكبير في هذه العمليات بعد أن كان الأردن رائدا في مفهوم الحكومة الإلكترونية، فإن البدء فيها والمضي قدما بهذه الخطوات هو إحدى الركائز الأساسية في عملية الإصلاح الإداري.
السلوك البيروقراطي السلبي الذي "يعشعش" في جسد القطاع العام، والذي يصعب التخلص منه ضمن إعادة الهيكلة، كان يتشابه بنفس الوتيرة مع ما يوجد في بعض دول الجوار، إذ أن هذه الدول تغلبت على المظاهر السلبية في قطاعها العام من خلال تفعيل عمليات الأتمتة لمرافقها وخدماتها، لتقضي بذلك على "بعبع الترهل الإداري" والإنتاجية السلبية، من خلال تحييد القوى المعطلة للأعمال باستخدام الأتمتة الإلكترونية.
اليوم سارعت مؤسسات رسمية كبرى في الانتقال الإلكتروني لخدماتها التي تتمتع بارتباط وثيق بالمواطنين، مثل دائرة الضريبة، والجمارك، ومراقبة الشركات، والترخيص، والجوازات، بالإضافة إلى بعض الخدمات الرئيسية في أمانة عمان، وأخرى في الجهاز القضائي، وغيرها من المؤسسات التي بدأت هذا الطريق الإصلاحي، رغم كل التحديات البشرية التي تقف عائقًا أمام تقدم هذا المشروع على أرض الواقع.
عمليات الأتمتة الإلكترونية لمرافق القطاع العام يجب أن تكون على رأس أولويات عمليات الإصلاح الإداري للحكومات، لأنها تشكل العامل الرئيس في زيادة الكفاءة وتحسين الأداء والإجراءات في القطاع العام، وتقليل العمل اليدوي والأخطاء البشرية، مما يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات وتقليل التأخيرات والتكاليف الزائدة.
الأتمتة الإلكترونية عنصر أساسي في تحسين الشفافية والمساءلة، حيث إن النظام الإلكتروني يعمل على توثيق وتتبع جميع العمليات وتسجيل البيانات بطريقة شفافة وموثوقة، مما يسهل عملية التدقيق والمراجعة ويعزز المساءلة.
من خلال الأتمتة، يمكن للمواطنين الحصول على خدمات حكومية مرنة ومتاحة عبر الإنترنت، مما يسهم في توفير الوقت والجهد عند إجراء المعاملات.
الأتمتة الإلكترونية هي الضمانة الفاعلة في تقليل التدخلات البيروقراطية من خلال تسهيل العمليات الحكومية وتبسيط الإجراءات المعقدة، مما يسهم في تحسين تجربة المستفيدين، وتعمل أيضا على تعزيز الابتكار والتطوير ضمن الخدمات الحكومية، ما يعكس إيجاباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
بشكل عام، تعتبر الأتمتة ركيزة أساسية في تطوير الخدمات الحكومية وتحسين الأداء العام للحكومة، مما يعزز الثقة العامة، ويدعم تحقيق التنمية المستدامة في الأردن، ويقضي على المظاهر السلبية المرتبطة بالبيروقراطية في القطاع العام.