اعادني إشهار كرسي سمير الرفاعي للدراسات في جامعة اليرموك لكتاب(علاقات الأردن الخارجية في عهد حكومات سمير الرفاعي1944-1963)ربع قرن للوراء، عندما نضمنا في المركز الأردني للدراسات والمعلومات، ندوة فكرية حول دولة المرحوم سمير طالب الرفاعي سيرته وتجربته، في إطار سلسلة ندوات نضمناها لإعادة قراءة تاريخ الأردن المعاصر السياسي، من خلال إعادة قراءة سيرة الرجال الذين صنعوا ذلك التاريخ، وكان من ابرزهم سمير طالب الرفاعي، بالأدلة والبراهين التي قدمها المتحدثون في تلك الندوة، التي رعاها دولة الدكتور عبد السلام المجالي رئيس الوزراءيومها، والذي افتتح الندوة بكلمة مما قاله فيها، عن سمير طالب الرفاعي بعد أن عرفه عن قرب، منذ أن كان المجالي طالبا يزور منزل الرفاعي للقاء شقيقه ضياء الرفاعي زميل المجالي في مدرسة السلط، حيث كانا يتلقيان تعليمهما الثانوي فيها، فقد قال المجالي(لقد كان يفرض احترامه على الناس ومهابتهم بأدبه ولطف معشره، وكانت مهابته في المجتمع والدوائر الرسمية لا تقل عنها في بيته، وكنت أرى فيه منذ ذلك الوقت رجل حزم وعزم ورجل قرار وعمل).
هذا الوصف من المجالي للرفاعي، أكده وبرهن عليه بأوراق علمية المتحدثون بالندوة، وهم، العين الدكتور كمال الشاعر، العين عاكف الفايز، العين الدكتور حازم نسيبة، العين ذوقان الهنداوي، الاستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد، الدكتور خالد سمارة الزعبي، العين طاهر حكمت، الدكتور أحمد يوسف التل، الدكتور محمد مصالحة، الدكتور ممدوح الروسان،رحم الله من رحل منهم وامد في اعمار من زال على قيد الحياة.
لقد شارك مناقشات تلك الندوة وحواراتها على مدار نهار كامل دولة السيد زيد الرفاعي، فاضاف الكثير من الوقائع المدعومة حول الكثير من المفاصل في فترات الحكومات التي ترأسها والده،كما فعلت ذلك نخبة من المفكرين والسياسيين، الذين شاركوا في مداخلات مناقشات الندوة، وقد اصدرنا وقائع هذة الندوة في كتاب صار مرجعا للباحثين.
ان دراسة سمير طالب الرفاعي، ضرورة لكل من يريد معرفة تاريخنا الوطني، لان الرجل كان يتحمل المسؤولية بجدارة في اهم محطات هذا التاريخ، منها مشاركة الأردن في محادثات تأسيس جامعة الدول العربية، ومحادثات قيام الاتحاد الهاشمي بين الأردن والعراق، كما أنه تراس اول حكومة بعد الاستقلال، وفي عهد حكومته اتخذ قرار تعريب الجيش، وطرد كلوب وسائر الضباط الانجليز من الجيش الأردني، كما تراس الحكومة في أصعب فترات العلاقات العربية العربية، وهو الذي طرد الملحق العسكري المصري من عمان عندما حاول التواصل مع ضباط الجيش الأردني، وفي عهد حكومته التي شكلها ست مرات تأسس اول مجلس أعيان، وكان اول رئيس لمجلس أمناء الجامعة الأردنية، ويحسب لهدوء الرجل ورباطة جأشة الانتقال السلمي للعرش لحظة استشهاد الملك المؤسس عبد الله الأول، وكان الرفاعي رئيسآ للوزراء.
كان سمير طالب الرفاعي رئيس وزراء قادر على الجمع بين إدارة السياسة الخارجية وتفاصيل الشؤون المحلية، مكنته عوامل كثيرة منها معرفته بشؤون البلاد والعباد، بسبب كثرة تنقله في مدن بلاد الشام مع والده، الذي كان موظفا بالدولة العثمانية، ثم بسبب تنقله هو بحكم الوظائف التي شغلها، مما اكسبه صبرا وسعة صدر،وقبولا للراي الاخر، لذلك فضل تقديم استقالة حكومته على حل مجلس النواب، بعد ان استمع لعدد من كلمات النواب أثناء مناقشة بيان الحكومة لنيل الثقة، وهذة تحسب له وليس عليه.
لقدرافقته سعة الصدرخلال تجربتة الوظيفية الطويلة، فقد صعد السلم درجة درجة، ومن بين الوظائف التي شغلها متصرفا لمعان بالوكالة، كما عمل في دائرة الأراضي، وعمل مراقبا لاملاك الدولة، كما اهلته المعيته ليكون مساعدا لسكرتير عام مجلس (النظار) الوزراء، ومديرا للمعارف ثم وزيرا لها وزيرا للخارجية، وغيرها من الوظائف التي اهلته ليكون رئيسآ مميزا للوزراء، وصفحة من تاريخنا الوطني، تستحق ان تعاد قرأتها وغيرها من أمثاله أكثر من مرة.