يجري على لسان الكثير في الأوساط الثقافية والسياسية تحميل العشيرة ما لا تحتمل من آراء وأفكار ركيكة أغلبها انطباعية مؤداها تحميل العشيرة الحمل الأكبر من حالة الجفاف في الحياة السياسية من تسبيب ذلك ومحاولة حصره بالسلوك الانتخابي ودوافعه بالاختيار وفي ذلك تجاوز لصواب بتقديري وفيه أيضاً جزء من التقية عن تشخيص المسببات الحقيقية التي تدور في فلك قوى صناعة المشهد السياسي على اختلاف مواقعها والتقاء مصالحها .
فالعشيرة ليس لها دور في ذلك كبنية اجتماعية وجدت منذ الخليقة ، إلا أنه تم الزج بها للقيام بدور قوامة التعبئة السياسية في تقديم المرشحين وغير ذلك من الأدوار التي حوِّر دورها إليه لتملأ فراغ تغييب دور الأحزاب السياسية الذي يعنى دورها بما تقوم به الهويات الاجتماعية على اختلاف انتماءاتها من أدوار .
وعليه أرى أنه من الضرورة العمل على مضي مشروع التحديث السياسي ضمن مسار ما بعث من رسائل في وقت سابق اتسمت بالتفاؤل والتحفيز للمشروع رغم تشاؤم جزء غير قليل من المتلقين لتلك الرسائل واستعداد آخرين للاستجابة التي زالت مستمرة ، رغم ما أصاب إرادتها من ندوب بدأت واضحة جراء " قانون الجرائم الإلكترونية " وما رافقه من سرعة إقراره وكيفية التعامل معه من قبل السلطات .
إلا أنه في رأيي مازال ثمة فرصة على أن تتم الممارسة السياسية في مناخ من الحرية والشفافية ، وهذا سيعمل في تقديري على تحلل ما حُوِّر من دور للعشيرة في العقود الماضية لتعود للقيام بدورها الاجتماعي ذو المنشأ السامي والنبيل التي كانت تقوم به ومازالت ولكن في إطاره الاجتماعي الذي نعتز به
وهذا الدور في طبيعة الحال وليد البيئة وحالة من التراكم الثقافي للمجتمع ولا يمكن الانفكاك عنه لاعتبارات عديدة تكتسي فيها شخصية الإنسان بحكم قدرية بعثه في جغرافية معينة من هذا العالم ،
وارى أنه لنجاعة أن يتمم مشروع التحديث أهدافه انسجاماً مع بث من تصورات سياسية لتحول الديمقراطي ثمة مسؤولية كبيرة تقع على الجانب الرسمي في إزالة الندوب الاخيرة بتوسيع المجال العام وحريات التعبير ، وجانب آخر على عاتق المثقفين لما يضطلع به دورهم التنويري في دفع الحركة الثقافية مع الأحزاب ذات اللون السياسي والهوية الفكرية التي يسوقها و يتزعمها الفكر السياسي وليس مصلحة الشخص التي يعبر عنها من ذات منشأ الحزب وممارسته السياسية إزاء القضايا العامة وستتضح الصورة بشكل أوضح من خلال المخاض الانتخابي القادم
الذي بقدر ما يعول عليه من آمال وتطلعات في بناء أردن المئوية الثانية ، سيكون محمل في كثير من المشاهد الغير صحية والمؤسفة أحياناً ، يعبر عنها في صناعة الأدوات وكيفية توزيع الأدوار التي ستكون مدفوعة لدى البعض بشهوة السلطة والمكاسب الشخصية في صورة مؤذية تحضر بها الأنا وتغيب عنها المصلحة العامة ومستقبل جيل التحديث السياسي الحالم من براءة تكوين طموحاته وأحلامه اليافعة النابعة من فكره الوطني النبيل.