مدار الساعة - طمأن جلالة الملك عبد الله الثَّاني الأردنيين بأنَّ الديمقراطية الأردنية مستمرة ومصونة والحرية المسؤولة والنبيلة محمية بموجب القانون وحقوق الإنسان تكفلها كل القوانين الأردنية والتحديث والتطوير سيستمر أولًا بأول.
وأجمع خبراء، في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، على أهمية اللقاء الملكي مع أعضاء المركز الوطني لحقوق الإنسان الضامن للدستور، مبينين أهمية الرسائل الملكية التي أسهمت بتبديد المخاوف على الحريات والتعددية والنهج الديمقراطي الذي اختطه الأردن، وأن هناك توافقا بين مكونات المجتمع الأردني كافة على ضرورة مواجهة الإساءات والأكاذيب، ومن ثم لا خوف على الحريات التي كفلها الدستور.
وقالت المستشارة الحقوقية والرئيسة السابقة لديوان التشريع والرأي القاضي، فداء الحمود، إن رسالة جلالة الملك جاءت لتؤكّد أهمية الانتظار لما يفرزه هذا القانون من نتائج أثناء (وبعد) تطبيقه، وفي ضوء هذه النتائج يكون تعديل القانون أو بعض بنوده شأنه شأن أي قانون آخر؛ فمعيار الحكم على أي قانون هو ما يحدده التطبيق العملي لهذا القانون بما يفرزه من آثار ونتائج.
وأشارت الحمود إلى أن التجارب التاريخية أكدت أنه تم تعديل العديد من القوانين عند تطبيقها، فالرسالة الملكية تبث الطمأنينة، فهذا القانون غير محصّن بل قابل للتعديل وإعادة النظر في حال وجدت إشكاليات فيه، ولكن ثمّة من يتسرّع بالحكم السلبي على القوانين التي تقرّ عموما قبل تطبيقها.
وفيما يتعلّق بتوجيه جلالته الحكومة بمراجعة مشروع قانون حق الحصول على المعلومات بما يسهم بالردّ على الإشاعة والأخبار الكاذبة، بينت الحمود أنها ومن وقت عملها في ديوان التشريع، كان العمل دوما للتعديل على هذا المشروع؛ ذلك أنه لا بد من العمل بالتوازي مع قانون الجرائم الإلكترونية الذي يعاقب على نشر الأخبار الكاذبة، وذلك بتوفير طريقة قانونية تمكن المواطنين من الحصول على المعلومات بما يضمن الحصول عليها من مصدرها بسهولة ويسر دون الانسياق وراء الأخبار الكاذبة والملفّقة.
وعن تركيز جلالته على أهمية تحديث المنظومة السياسية والاقتصادية بالتزامن مع تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ركزت الحمود على أن الحقوق تشمل حقوقا سياسية؛ كحق الترشّح والانتخاب وتقلّد المناصب السياسية، وحقوقا اقتصادية؛ كحقّ العمل والأجر المتساوي، وحقوقا اجتماعية كحق الحماية من العنف وغيرها، وهذه الحقوق كلّها تصبّ في حقّ المواطن الأردني بما كفله الدستور له من حقوق والاستفادة منها بصورة كاملة؛ وهذا ما يؤدي إلى تحديث المنظومة السياسية والاقتصادية في الدولة.
من جهته، أشار النائب السابق وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور هايل ودعان الدعجة، إلى أن حديث جلالته اليوم يمثل رسائل تطمينات ملكية من شأنها تبديد المخاوف على الحريات والتعددية والنهج الديمقراطي الذي اختطه الأردن ولا رجعة عنه، مبينا أن هناك توافقا بين مكونات المجتمع الأردني كافة على ضرورة مواجهة الإساءات والأكاذيب، ومن ثم لا خوف على الحريات التي كفلها الدستور.
ولفت إلى إشارة جلالة الملك بأن الأردن ماض في إجراءات التحديث إن كان ذلك من خلال إنجاز منظومة التحديث السياسية ممثلة بقانوني الانتخاب والأحزاب أو بالانتخابات النيابية المزمع العمل على إجرائها في العام المقبل تماهيا مع الاستحقاق الدستوري، وبالتالي لا داعي للالتفات للإشاعات بكل ما يتعلق بقانون الجرائم الإلكترونية أو منظومة التحديث بشكل عام.
ولفت إلى أن ذلك يؤكد أن جلالة الملك بصورة ردود الفعل الشعبية والعالمية على هذا القانون، حرصا من جلالته على الصورة الحضارية والديمقراطية الأردنية المشرقة التي عرفها عنه العالم وكون فكرته عن بلدنا الذي يعيش وسط أجواء من الحريات ومراعاة حقوق الإنسان بصورة عززت من رصيده وسمعته ومكانته الخارجية، والتي لا يمكن له التنازل أو التراجع عنها تحت أي ظرف، ولا يمكن أن يكون الأردن، لا سمح الله، تعسفيا في ذلك كما أشار جلالة الملك، كما يحاول البعض أن يروج أو يفهم الأمور التي يراد منها ضبط منصات التواصل الاجتماعي، حتى لا تبقى أسيرة الفوضى والانفلات والإساءة للآخرين ولبلدنا الأردن أيضا الذي يحتكم في مسيرته الوطنية إلى منظومة أخلاقية وقيمية ودينية وعادات وتقاليد مثلت مرجعيته التي يعتد بها في العلاقات بين مواطنيه ومؤسساته وعلاقاته الخارجية، مجسدا بذلك خصوصية أردنية عز نظيرها، وباتت موضع إعجاب وتقدير الأسرة الدولية التي دائما ما يراعي الأردن مواقفها وردود أفعالها في القرارات والسياسات التي يتخذها من منطلق الحرص على مكانته وسمعته ومصالحه.
وعلّق عضو مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين، الزميل خالد القضاة، على لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني مع المركز الوطني لحقوق الإنسان ونقابة الصحفيين، ممثلة بنقيب الصحفيين، بالقول إن لقاء جلالته مع هاتين المؤسستين يؤكد أهميتهما في صون الحريات العامة، حيث كان للمؤسستين بعض الملاحظات والمخاوف حول الإجراءات التي رافقت قرار قانون الجرائم الالكترونية، وأشارتا في بياناتهما أن بعض المصطلحات قابلة للتأويل والاجتهاد.
وبين أن دعوة جلالته للحكومة لضرورة الإسراع في إقرار حق الحصول على المعلومات، تؤكد الحرص الملكي على حقوق الأردنيين المتمثلة في وصولهم للمعلومات وضمان تدفقها لهم بكل انسيابية.
ولفت إلى أن تأكيدات جلالته على أن قانون الجرائم الإلكترونية سيطبق بطريقة لا تؤثر على حرية الناس في التعبير وحق الناس في المشاركة السياسية، يؤشر مرة أخرى على حرص جلالته على أن لا يشكل هذا القانون أي عائق في مسيرة الإصلاح انسجاما مع تاريخ الأردن الذي لم يمارس يوما تعسفا في استخدام قوة القانون للنيل من حقوق الأردنيين الدستورية، وأن إشارة جلالته إلى أن قانون الجرائم الإلكترونية سيكون قابلا للتعديل بعد نفاذه، يدلل على إيمان جلالته أن هذا المجتمع حيّ ويتمتع بسلطات قادرة على تصحيح المسيرة في أي وقت رأت فيها تأخيرا أو إعاقة لها، بحسب القضاة.