كانت لحظات مهيبة عندما كنت أتجول في بلدة خرجا لأزور العميد الخرجاوي الزعبي إبن اللواء وما أن إلتقيته لأول مرة قبل عدة سنوات تقارب العقد شعرت أنني أمام عظمة التراث الأردني.

الأكاديمي الخرجاوي شغل عدة مناصب منها مديرا للتربية والتعليم في إربد وغيرها الكثير، يعمل بكل حب وإخلاص على بث الروح إلى جذوة تراث الأجداد ليجمع بين الأصالة والمعاصرة في بناء لبناته من اعماق أطيان الأرض ونتاجه دحنون للمحبة تعبق حوله عبير الزنبق والأقحوان في نتاج فكري عز نظيره بثاقب فكره وعمق اداركه.

عندما يقدم لك أحد روائعه التراثية تشعر أنك أمام معلمة وموسوعة شاملة وتظن أنها تغني عن مكتبة بكاملها ولكن طموحه الكبير يبهرك بشلال من عذب الكتب التي تحتاج إلى سنوات لقراءتها .. فماذا يختلجك عندما تود أن تكتبها، ولكن عبقريته لا تقبل إلا التحدي والإقدام والإنتاج.

المضافات والتعاليل الاهازيج والاغاني الشعبية والحكايات باللهجة الحورانية أصبحت رمزا موثقا للتراث من خلال نتاجه الادبي ودليلا على سعة اطلاعه وبلاغة نهجه.

وضع في منهجه الأسرة الاردنية الواحدة فجمعت مؤلفاته اقانيم كثيرة وأدت رسالتها نحو الجميع حتى الطفولة البريئة كان له من سطره نصيب فكتب هبة والحسون ورتب ذكريات ايام الطفولة واليفاعة في كتب قيمة يعرفها كل محب للتراث.

كانت محبا للعائلة الاردنية فأسس بيتا في كل ركن من أركانه قصة وحكاية، وقدم للوطن أبناءه الأدباء والشعراء والذين يساهمون في تماسك وترابط الأدباء الأردنيين فلا غرابة لا بل وبكل فخر ان يكون عطوفة الاستاذ اكرم الزعبي ابنه الورع رئيسا لرابطة الكتاب الأردنيين

اذا كان القرطاس والقلم يتطلبان منك كثيرا أن تبقى جالسا على الزرابي المبثوثة فإن العميد الخرجاوي إذا بحثت عنه الآن تجد في يده معول يزرع أديم الأرض باللوز والزيتون وعينه نحو الأفق القصي يريد أن يفرد بساطا اخضر نحو اللامحدود.

ربما لاتنصفه الكلمات في حسن خلقه ولكن شعاره الكرم وبشاشة الوجه ولباقة الإستقبال.

كلماتي تنحني احتراما لهذا العالم الفذ الذي نفاخر به الدنيا فقد قدم الكثير ويستحق التكريم الوفير فهو من جذور الأرض ومن رجالات مئوية الدولة الأردنية.