مدار الساعة - عودة الجعافرة - ما تزال بقالة السايق التي أنشأت قبل أكثر من 150 عاماَ بالقرب من مبنى سرايا الكرك بالشارع الرئيسي لبيع السمن والجميد ومشتقات الألبان والتوابل والبهارات، محافظة على إرثها وطابعها المعماري وحراسة الذكريات الاجتماعية والتجارية لأبناء المدينة، كأقدم محل تجاري.
راشد السايق الجد، الذي قدم إلى الكرك عام 1880 منفياً من سوريا من قبل السلطات العثمانية، حرص على شراء محل تجاري من عائلة الجعفري لشراء وبيع السمن البلدي والجميد من أبناء المحافظة لتأمين مصدر دخل له يعيل به أسرته للتغلب على قهر المنفى القسري.
ولم تكن بقالة السايق مجرد محل تجاري للبيع والشراء بل تعدتها بالذاكرة الوطنية لتؤرخ لتاريخ حقبة زمنية من تاريخ المدينة والأسواق التجارية القديمة، كملتقى لأبناء القرى والبادية يتبادلون فيما بينهم حياتهم ونشاطهم الاقتصادي والاجتماعي وموروثهم الثقافي.
وقال الحفيد جعفر شحادة السايق لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إنه ورث المحل عن والده وحرص على الإبقاء على معالمه ومقتنياته دون تغيير لأنها تحمل طابعاً تاريخياً قديماً ارتبط بذكريات تمتد لأكثر من 150 عاماً.
وأضاف جعفر الذي عمل مديراً لسياحة الكرك لأكثر من 20 عاماً، أنه حافظ على مورث الجد والوالد وكأنك، كما يقولون تدخل إلى صيدلية بالنظافة والترتيب الأنيق، وبقي المحل التجاري مُشرعا أبوابه رغم أن معظم المحلات مغلقة بسبب المشروع السياحي وانتقال عشرات المحال التجارية إلى خارج المدينة أو هجر التجارة من قبل بعض التجار.
وأكد، أنه يعد أول وأقدم محل تجاري بالمدينة يستقبل الفلاحين والبدو من مختلف أنحاء المحافظة لبيع منتوجاتهم الزراعية، من الألبان والجميد والسمن البلدي، بالإضافة إلى تكوين روابط اجتماعية معهم وتبادل ذكرياتهم وخاصة التنقل والترحال طلباً للماء والكلأ حسب المواسم المطرية.
أول ما يلفت نظر الزائر للبقالة، أنك تدخل إلى عالم آخر، حيث الرفوف من الخشب الدمشقي والطاولة من العهد التركي، أما الكنز الزجاجي، فهو من جماليات المكان، بالإضافة إلى طرق عرض المحتويات ذات الطابع الشعبي.
وحول القيمة التاريخية للأواني، قال جعفر إنه عرض عليه مبلغا ماليا ضخما مقابل بيع أواني الزجاج، لكنه رفض ذلك حرصا على قيمتها ومكانتها بوجدانه، لافتا إلى أنها تحمل روحا تاريخية ارتبطت بتاريخ المدينة وإرثها الحضاري والاجتماعي ونسيجها الأسري وعمق الروابط والتأخي والانتماء الوطني.
وأشار إلى أن المعالم السياحية بالمدينة دخل عليها تشويه كبير من خلال هجر الكثير من المباني التاريخية والمحال التجارية والمطاعم ذات البناء المعماري القديم المكون من الحجارة والأقواس، مطالبا بتضافر الجهود لإعادة المكانة التاريخية والسياحية لأسواق الكرك.