مدار الساعة - كتب: الوزير السابق الدكتور صبري ربيحات
البلدة التي صاغ حكايتها الكاتب محمود الزيودي في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي وقدم للمشاهد العربي صور الحياة في الريف الاردني كانت المقصد الذي امضينا فيه احدى اجمل أمسيات صيف هذا العام.بحب وتقدير لبينا مساء الخميس العاشر من آب ٢٠٢٣ دعوة الشيخ منصور المعلا الزيود "ابو حازم" على العشاء في احدى اكثر بلدات الاردن شهرة وخصوبة وجمالا.انتظرنا حتى تراجعت حدة حرارة الشمس لننطلق نسرين وانا الى منزل الصديق سالم الخزاعلة وزوجته الدكتورة منى هندية لنبدأ رحلتنا المسائية باتجاه بلدة غريسا الواقعة شمال غرب الهاشمية واحدى اقرب قرى الزرقاء الى حدود محافظة المفرق.الانطلاق من عمان عبر شارع الاردن والانعطاف نحو شفا بدران بمحاذاة اسوار الجامعة التطبيقية كانت اولى مراحل الرحلة التي ستأخذنا الى القرية التي أسماها محمود الزيودي ب .. " قرية بلا سقوف" .كنت اعتقد اننا بحاجة الى زيارة القرية التي احببت لا لاتعرف على طوبغرافيتها وحكاياتها واحظى بشرف لقاء أهلها الذين نعرف حسبهم ونسبهم وطباعهم وسجاياهم. بل لا تفهم الاسباب الذي دفعت بكاتب المسلسل الى اختيار هذا الاسم للعمل الفني الذي حاكى الواقع ورصد تحولات الحياة في الريف الاردني وعكس مدى تأثر الانسان بما طرأ على الاقتصاد من تغير وما احدثته التنمية التي شهدتها البلاد في الربع الاخير من القرن العشرين.في تقديري ان محمود الزيودي كان ولا يزال واحدا من أفضل كتاب السيناريوهات التي صورت حياة البادية والريف الاردني فقد وقف على التفاصيل الدقيقة للهوية البدوية والزراعية وحاول ان يجسد ملامحها دون أن يغفل ايا من السمات التي تبرز خصوصيتها وتفردها عن الهويات الاخرى.محمود ليس مجرد كاتب يملك مهارة الكتابة وفن التعبير بل شخصية موهوبة وواسعة الاطلاع تملك ناصية اللغة وتتقن اللهجات وتعي وقع وأثر استخدام المفردات والرموز في المواقف والمناسبات بصورة ومستوى لا يتأتى لغيره من الشخصيات المشتغلة في هذا المجال. لقد اسعدني ان التقي بعشرات الشخصيات الكريمة والوازنة من عشيرة الزيود وسائر ابناء الاردن وان احظى بشرف الحوار والحديث واياهم في العديد من الأمور التي تهمنا جميعا ونستعرض الأفكار ونتبادل الاراء بود ومحبة واحترام .لوجود الاخ ابو نزار نكهة خاصة ففي كل مرة يبدي فيها رايا او يقدم إضافة يغني الحديث ببيت من الشعر هنا أو رواية لحادثة هناك فيبدد الشكوك وينهي الجدل فخير القول ما يقوله الخبراء.في جلستنا التي اختار لها مضيفنا اطلالة ليلية ساحرة على تلال القرية الجميلة كان الطقس خرافيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى .فقد اضاف لطفه الى سماحة الوجوه وطيب ملقى المضيف وانجاله الكثير . الكرم والدفء والود الذي ساد أجواء جلستنا على تلال غريسا اليوم احضر في ذهني شيء من شعر الراحل حبيب ابن عشيرة الزيود خصوصا.يا حبيبي لا تعذر بالمحبة .. المحبة مبينة بوجه راعيها.الشكر الموصول للاهل من ال المعلا والى سائر ابناء عشيرة الزيود واهالي غريسا والى اخي الشيخ منصور المعلا ابو حازم وانجاله الكرام وأفراد أسرته الاعزاء.