بكلمته التي افتتاح بها دورتي الدفاع الوطني 21، وبرنامج ماجستير استراتيجيات في مواجهة التطرف والإرهاب 7، في كلية الدفاع الوطنية الملكية الأردنية، يوم الاحد الماضي أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي على (ضرورة وجود نُخب فكرية مدنية وعسكرية، تمتلك الرؤى الاستراتيجية القادرة على دراسة المتغيرات في البيئة الاستراتيجية، والتكيف معها واستثمار الفرص وتسخيرها لخدمة الأمن الوطني في ظل المتغيرات والتطورات المتسارعة، وتنوع وتيرة التهديدات والتحديات وتشابك العلاقات والمصالح الدولية وزيادة درجة التعقيد فيها) .
كلام رئيس هيئة الأركان المشتركة هذا، يثير الكثير من الاشجان والأحزان، لأن الواقع يقول بأنه ليس لدينا نخب، بمقدار مالدينا من طبقات انتهازية وصولية، سلاحها النميمة.
ومثلما يثير رئيس كلام رئيس الأركان الأحزان فإنه في الوقت نفسه يثير الكثير من الأسئلة، واول هذه الأسئلة هو:هل لدينا مؤسسات قادرة على اعداد وتدريب النخب؟، بعد ان تفهنا الاحزاب وجعلنها في معظمها نسخ مكررة عن بعضها، بعد ان كانت لدينا في عقود سابقة أحزاب حقيقية انبثقت من صميمم التجربة الوطنية الأردنية، كحزب اللجنة التنفيذية بزعامة حسين باشا الطراونة، وغيرها من الاحزاب الأردنية التي يجري تغيبها من الذاكرة الوطنية.
هل ظل لدينا نقابات مهنية وعمالية قادرة على اعداد النخب، وقد فعلنا بها ما فعلناه بالاحزاب؟ وهي التي سدت فراغ الاحزاب في تبني قضايا الوطن والأمة؟
هل مازالت الإدارة العامة الأردنية قادرة على رفد الوطن بالنخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما كانت تفعل في عقود سابقة؟ قبل أن نحولها إلى مستودع للبطالة المقنعه، وقبل ان سكتنا عن تسلل الشلليلة ومحسوبية و الواسطة ثم الرشوة إلى هذه الإدارة، بعد ان كانت تقوم على الكفاءة والنزاهة ونظافة اليد؟
هل مازالت عشائرنا مدرسة من مدارس اعداد النخب الاجتماعية والسياسية كما كانت، قبل أن نضعفها؟، ليس بصناعة الزعامات المزيفة لهذه العشائر فحسب، ولكن بتحميلها الكثير من العيوب التي هي براء منها، بل والتحريض عليها، وجعلها محل هجوم كل من هب ودب؟.
نعم لقد أضعفنا كل مؤسسات اعداد وإنتاج النخب، فحلت محل النخب في بلادنا، طبقة من الهلاميين، الذين لاسلاح لهم الا النميمة، ولا إطار يجمعهم الا السهرات التي من تسيطر عليه النميمة، فحلت محل الاحزاب جاهات الاعراس، وحلت محل النقابات ولائم المناسف، وحل محل القادة الاداريين موظفون يمضون اوقاتهم بشرب الشاي والقهوه والنوم والنميمة والتذرع ب(السستم المعطل ).
لكل ماسبق غابت الرؤى، وغاب الاهتمام بالقضايا الكبري، وصرنا على هامش المتغيرات الكبرى، ولم نعد نستمع للعقل، ولا حتى لأجراس الانذار،وصيحات التحذير، فدخلنا في التيه.