تقول دائرة الإحصاءات العامة أن معدل التضخم - الرقم القياسي لأسعار المستهلك - ارتفع لشهر تموز 2017 بمعدل 1.8% مقارنة بنفس الشهر من عام 2016.
وبعد استبعاد السلع الأكثر تذبذباً بأسعارها لمجموعة الغذاء والوقود والإنارة والنقل بلغ الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلك لشهر تموز 126.0 بارتفاع نسبته 3.2 مقارنة بنفس الشهر من عام 2016.
هذا خبر إقتصادي جيد، إذ يواصل المعدل انتقاله من السالب الى الموجب ما يعني أن الاقتصاد يتحسن إذا كان وراء هذا الارتفاع زيادة الطلب الناجم عن نشاط اقتصادي فهل هو كذلك؟.
جربت دائرة الإحصاءات العامة قياس معدل التضخم بإحتساب كلفة الطاقة التي تراجعت كثيرا مع هبوط أسعار النفط، وبسبب الثقل الذي تمثله في سلة قياس أسعار المستهلك وجدت أن المعدل تراجع الى السالب قياسا بمعدلات سابقة كانت مرتفعة جدا بسبب كلفة الطاقة ذاتها.
التغيير النسبي في مؤشر أسعار المستهلك يقاد من مجموعات سلعية تقليدية مثل مجموعة «النقل» التي إرتفعت بنسبة 9.0%، و»الايجارات» بنسبة 2.9%، و»التبغ والسجائر» بنسبة 6.0%، و»التعليم» بنسبة 3.6%، و»العناية الشخصية» بنسبة 6.7%. بينما أن أسعار مجموعة «الخضروات والبقول الجافة والمعلبة» التي إنخفضت بنسبة 17.0%، و»اللحوم والدواجن» بنسبة 4.7%، و»الفواكه والمكسرات» بنسبة 6.0%، « والملابس» بنسبة 2.7%، تقود في العادة الى تراجع المؤشر.
السؤال الذي يتبادر الى ذهن المستهلك هو إذا كانت سلة السلع الأساسية التي تمثل الثقل في قياس متوسط أسعار المستهلك – التضخم – قد تراجعت لماذا لا يشعر بالتغيير؟
السؤال الذي يستحق البحث هو ما إذا كان التضخم ناشئا عن التكاليف إما بسبب ارتفاع تكاليف الإستيراد نتيجة لمجموعة الضرائب والرسوم أو الكلف التشغيلية في الشركات الصناعية وغير الصناعية، ورفع رواتب وأجور العاملين ورفع الحد الأدنى للأجور.
تفسير هذا التباين يحتاج الى تحليل فني يأخذ بالاعتبار المتغيرات لكن بشكل أكثر دقة قائمة السلع المؤثرة بالمؤشر لتشمل كلفة التكنولوجيا والإتصالات والفوائد المصرفية، وكلفة الإستثمار التي تنعكس على كلف الإنتاج وهي غير موجودة مع أنها تشكل وزنا نسبيا مؤثرا في التكاليف، وهي مهمة دائرة الاحصاءات العامة التي يجب عليها أن تفسر للناس بلغة مبسطة هذا التناقض إن كان موجودا.
النفط والكهرباء كانا السبب الرئيس في ارتفاع معدلات مؤشر التضخم بدءا من عام 2008، عندما إلتهبت أسعار النفط لترتفع بنسبة 44.3%. لكن لا ينبغي إغفال أن ذات السلعة التي صعدت بالمؤشر كانت سببا في تراجعه عندما تخلت أسعار النفط عن ذات النسبة التي إرتفعت فيها وربما أكثر.
دائرة الاحصاءات أعادت طريقة إحتساب أرقام النمو، وربما من المفيد أن تتخذ ذات الخطوة عند إحتساب مؤشر التضخم، مع أن سلته متفق عليها عالميا، لكن لا بأس إن وجد الاجتهاد طريقه الى هذه الحسبة، في إطار خصوصية الاقتصاد الأردني وخصائص الاستهلاك وأنماطه.