السياحة تشكل حجر الزاوية في الاقتصاد الوطني، وبالتالي يجب تقييم الواقع السياحي في المملكة والجهود التي تقوم بها وزارة السياحة لتحقيق التطور والنمو المستمر لهذا القطاع، خاصة في ظل إستراتيجية السياحة الوطنية الأردنية 2021-2025 (JNTS) التي تم الإعلان عنها في ظروف استثنائية مع انتشار جائحة كورونا.
منذ إطلاق هذه الإستراتيجية، أصبحت العديد من التحديات والتطورات الجديدة أمامنا، وهذا يستدعي توجيه النظر إلى كيفية تضمين هذه التحديات في طموحات الوزارة وأصحاب المصلحة الرئيسيين.
الرؤية الاقتصادية 2023-2033، وضعت أهدافا محددة للقطاع في مجالات الإيرادات والتوظيف والاستثمارات، تعد من هذه التطورات المهمة، خاصة أن هذه الأهداف تأتي مع تجاوز أداء العام 2022 للتوقعات، حيث زاد عدد السياح على 5 ملايين سائح؛ مما يمثل تحقيقاً متفوقاً للأهداف الموضوعة.
لكن، بالرغم من هذا النجاح، هناك مجالات تحتاج إلى عمل مكثف، مثل الاستثمارات التي تتطلب الرؤية الاقتصادية الحديثة 2023-2033، حيث يجب استثمار 2.7 مليار دينار أردني إضافي في قطاع السياحة بحلول 2033. زيادة على ذلك، هناك حاجة لخلق 99 ألف فرصة عمل إضافية في القطاع بحلول العام نفسه.
وأمام هذا المسار، يواجه قطاع السياحة في الأردن "التحديات الموسمية"، حيث تقل الأعمال في بعض المواسم، الأمر الذي يتطلب أن تزيد الوزارة من وتيرة التحليل والفهم العميق للأنماط الموسمية، وذلك لتحقيق استقرار أكبر في القطاع.
منذ إطلاق الإستراتيجية، عملت وزارة السياحة والآثار على إجراء العديد من التحسينات والإصلاحات لتحسين أداء القطاع، ولتقييم الأداء أصبحت تستند إلى لوحة معلومات مخصصة وتقارير شهرية لمراقبة تقدم هذه الأنشطة وتحقيق الأهداف المرجوة، جنبا إلى جنب مع مراجعة جميع القوانين واللوائح السياحية، في خطوة مهمة تهدف إلى تحديث الإطار التشريعي للقطاع ليواكب التطورات الحديثة.
إضافةً إلى ما سبق، تتخذ الوزارة إجراءات فعالة ومبادرات متعددة لتعزيز القطاع السياحي، بما في ذلك: الإصلاحات التنظيمية عبر تنفيذ خطة لتحديث وتطوير التشريعات السياحية، والعمل على تعزيز التنافسية الاقتصادية للقطاع السياحي وتحقيق الاستدامة، وتشجيع الاستثمار في قطاع السياحة من خلال التعاون المستمر مع القطاع الخاص.
بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق عدة حملات وبرامج لتعزيز السياحة، بما في ذلك "برنامج أردننا جنة" والعديد من الحملات الترويجية الأخرى على التلفاز والراديو ومنصات التواصل الاجتماعي. ويتم أيضا استضافة رحلات استطلاعية وصحفيين ومدونين ومشاهير من أجل تغطية وترويج الأردن كوجهة سياحية. هذا الجهد المتواصل يبرز الالتزام العميق بتعزيز القطاع السياحي في الأردن.
إن إستراتيجية السياحة الوطنية الأردنية والرؤية الاقتصادية الحديثة، إذا تم تنفيذها بنجاح، فقد تضع الأردن على خريطة السياحة العالمية بشكل أكثر فاعلية، مما يحقق نجاحاً مستداماً للقطاع، ويساهم في النمو الاقتصادي العام للبلاد.