ما يميز المدن هو شبكة وأنظمة النقل العام للركاب فيها فهي إما أن تكون مدنا منظمة أو عشوائية.
دعونا نعترف أن نظام النقل في الأردن وفي العاصمة تحديدا غير منظم، وهو لا يلبي مواصفات المدن، هناك من يعتقد في تعدد أشكال وسائط النقل كما نراها في عمان تنوعا لكن الأمر ليس كذلك.دعونا نعود إلى البداية عندما كان هناك سيارات سرفيس استبدلت بباصات كوستر ثم كان هناك «تكسي» واليوم إلى جانبه وسائط النقل الذكي، هذ التنوع هو تشابك واشتباك زاد من حدة ازمات السير لكنه لا يرقى الى صفة النقل العام المنظم.يا سادة التنوع المنظم هو أن يكون هناك حافلات بمسارب خاصة تغطي كل المناطق وأن يكون هناك قطارات خفيفة تغطي كل المناطق وأن يكون هناك قطارات كبيرة تربط بين المدن والمطار والموانئ ومراكز الخدمات الأساسية، وأن يكون لكل منها مهمته واختصاصه وتوقيته ومراكز أو محطات انطلاقه.التناقض هو أن يستقل أحدنا «تكسي» من منطقة سكنه بدينارين كي يصل الى محطة الحافلات ويستقل حافلة بنصف دينار !.فقط لأن هناك عجزاً في التغطية الشاملة.منذ كانت عمان لم يلتفت احد الى ضرورة تأهيل واعداد البنية التحتية لشبكة نقل شاملة، فهل كان اصحاب الفكر والتخطيط يعتقدون ان سكان هذه المدينة لن يتجاوزوا نصف مليون مواطن؟!في المدن ذات النقل الشامل والمتعدد والمنظم ترى جميع الشرائح والفئات الاجتماعية في الحافلة أو في القطار ولا أحد يضطر لاستخدام سيارته اما التكسب فهو للضرورة.لو أن هناك نظاما أو شبكة نقل شاملة لما تفاقمت ازمات السير ولا ازدادت سخونة ولا احتاجت الطرق الى الاف من رجال شرطة السير والدوريات لتنظيم ما امكن منها ولا كنا سنحتاج لان ننفق كل هذا المال على السيارات والوقود والحوادث المميتة.لا أتوقع في المدى المنظور أن نتمتع في عمان والأردن عامة بنظام نقل ركاب مثل هذا الذي نتمتع به في مدن لا تزيد عراقة عن عمان وقد فهمت ان المدن لم تولد وفي جسدها مثل هذا النظام وإنما جرى تركيبه شيئا فشيئا حتى أصبح نمط حياة.يجب توفير نظام نقل جماعي يسير مثل الساعة خدمة للتنمية والإنتاجية باختصار الوقت والكلف وكل ما يتطلبه الأمر إرادة وتوظيف صحيح للإنفاق.ها هي مشاريع أعلن عنها مؤخرا لكنها نسخة مكررة للنقل السائد وهو فردي مبعثر لن يقيم نظام نقل يشبه أو حتى يقترب من تلك الأنظمة التي نراها في عواصم كثيرة والسبب هو البناء على ما هو قائم دون التوجه كليا نحو نظام متكامل وجديد.نظام نقل منظم وقتا ومسارات سيجد إقبالا من جميع فئات المجتمع.. تستطيع أن ترى على متن حافلات موظفين ومدراء بنوك فقراء واثرياء في شكل من أشكال العدالة الاجتماعية.ليس مطلوبا اختراع واجبات جديدة، يكفي أن تقترب من هموم المواطن وحاجاته الأساسية في شبكة نقل واقعية تلائم طبيعة عمان والمدن الأردنية، بعيدا عن كلاشيهات التخطيط الشمولي وتفاصيل ما هي إلا مضيعة للوقت وللجهد معا. شبكة نقل كفؤ هي مصلحة اقتصادية.qadmaniisam@yahoo.com