مدار الساعة - أكد سفير الأردن لدى مصر والمندوب الدائم بجامعة الدول العربية أمجد العضايلة، عمق العلاقات الأردنية المصرية، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وأخيه الملك عبد الله الثاني، مشيرا إلى أن هذه العلاقات في تطوّرٍ متنامٍ وازدهارٍ مشهود، ما كان ليتحقق لولا توجيه ودعم القيادتين السياسيتين، وتشديدهما على ضرورة أن تبقى العلاقات الثنائية نموذجاً ناجحاً ومنتجاً في المنطقة العربية.
وقال سفير الأردن بالقاهرة - في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط /أ ش أ/ بمناسبة انعقاد الدورة الـ(31) اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين بعد غد /الإثنين/ في العاصمة الأردنية عمان - إن عدد الزيارات المتبادلة بين القيادتين السياسيتين ومسؤولي الأردن ومصر والتي شهدتها السنة الماضية، يعكس الحرص المشترك على متابعة التنسيق وتبادل الرؤى والاستفادة من الخبرات والانتقال إلى مراحل التنفيذ العملي لكل ما يتفق عليه من برامج تنفيذية واتفاقيات ثنائية ومذكرات تفاهم.
وأعرب عن الاعتزاز بالتنسيق والتشاور والتعاون الأردني المصري في الجوانب السياسية وتجاه القضايا العربية وآليات التعامل مع التحديات التي تواجه المنطقة، مؤكداً أن الجهود الأردنية والمصرية، عبر القيادتين السياسيتين لكلا البلدين، تثبت حرصهما المتبادل على تعزيز التعاون العربي العربي والتعامل بكل حكمة مع الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجهها بعض دول المنطقة.
ولفت في هذا الاتجاه إلى أن القضية الفلسطينية تعتبر قاسماً مشتركاً وثابتاً رئيساً في السياسة الخارجية لكل من الأردن ومصر، وأن حجم ومستوى التعاون والتنسيق الأردني المصري الثنائي، والثلاثي مع الأشقاء في فلسطين والتعاون في إطار إقليمي ودولي أوسع، يدلل على ما تبذله البلدان لخدمة القضية الفلسطينية والتخفيف من التحديات التي يواجهها الأشقاء في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، والسعي للحفاظ على حقوقهم المشروعة وبذل كل ما من شأنه تحقيق السلام العادل والشامل وفقاً للثوابت العربية ومقررات الشرعية الدولية.
وفيما يتعلق بأوجه التعاون الأردني المصري على الصعيد الاقتصادي، أكد السفير العضايلة أن عجلة التعاون البيني على المستوى الثنائي لم تحد من مسيرتها التحديات التي تواجهها المنطقة أو تلك المتأتية من التأثّر بأزماتٍ عالمية لم تبارح الساحة الدولية منذ العام 2020، بل على العكس، حرص البلدان على استمرار عقد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة ولجان المتابعة والتنسيق على مختلف المستويات والقطاعات، لوجود إيمان بأن التعاون والتكامل المبني على تبادل المزايا التنافسية أكثر فعالية في جهود الحد من تداعيات الأزمات.
وشدد على مبدأ التكامل القائم على التعاون، الذي تعتمده البلدان الشقيقان في مختلف القطاعات والمجالات المشتركة، إلى جانب الاستفادة من التجارب والنماذج الناجحة التي تشهدها البلدان، لافتاً في هذا الصدد إلى ما حققه الأردن ومصر في عهد الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي من نجاحاتٍ ومشاريع رائدةٍ ورافدةٍ للاقتصاد الوطني في كل منها، وما تتميزان به من كوادر بشرية مؤهلة وموقع جغرافي استراتيجي ورؤية اقتصادية وتجارية حديثة بنى عليها البلدان عناصر الشراكة والتبادل المنفعي، سواء في الإطار البيني الثنائي أو التكامل مع دول شقيقة، في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك.
وفي إشارته لأهمية اجتماعات الدورة الحالية للجنة العليا المشتركة بين الأردن ومصر، أعلن سفير الأردن لدى مصر والمندوب الدائم بجامعة الدول العربية أمجد العضايلة، عقد اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين اجتماعات الدورة الـ(31) بعد غد /الإثنين/ في العاصمة الأردنية عمان لبحث سبل تنمية وتعزيز التعاون بين الجانبين في كافة المجالات خاصة الاقتصادية والتجارية.
وأكد أن الاجتماعات الفنية ستنطلق اليوم، وغدا /الأحد/ ستكون الاجتماعات على المستوى الوزاري وبعد غد /الاثنين/ ستكون على مستوى رئيسي الوزراء في البلدين، مشيرا إلى أهمية اجتماعات الدورة الحالية للجنة العليا المشتركة بين الأردن ومصر.
ولفت العضايلة إلى أن ديمومة عقد اجتماعات اللجنة العليا منذ انطلاقها جعلتها اللجنة الثنائية العربية الأكثر عمراً، لدرجة لم يتأثر انعقادها بأية ظروف ولم تشكّل أي عائق أمام الإرادة السياسية الحكومية في البلدين لعقد اجتماعات اللجنة، الأمر الذي يمثّل الرغبة والعمل الجاد لتطوير وتفعيل التعاون المشترك، وإحداث نقلة نوعية في مسيرته.
وأوضح أن هذه الدورة من اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين الأردن ومصر تأتي بعد تحضيرات استمرت خلال الفترة الماضية، توافقت فيها مسارات العمل المشترك والاتفاقيات ومذكرات العمل المدروسة التي تم توقيعها مع الحاجة للتطوير والأولويات الوطنية للبلدين ومساعي تحقيق التكامل بينهما.
كما أن هذه الدورة، وفق تأكيد العضايلة وهو عضو اللجنة العليا المشتركة، تأتي بعد نتائج سلسلة من الاجتماعات التي شهدتها العلاقات بين الأردن ومصر في مختلف القطاعات، منذ التوقيع على محضر اجتماعات الدورة السابقة الـ(30)، وهي اجتماعات تنوّعت في مستوياتها الفنية، كبار المسؤولين والخبراء، والاجتماعات الوزارية التي قامت على زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين.
وأشار السفير الأردني إلى أن أجندة اجتماعات الدورة الحالية الـ(31) ستتضمن مباحثات بين الجانبين حول تعزيز التعاون في قطاعات الاقتصاد، والتجارة، والصناعة، والاستثمار، والمالية والجمارك، والنقل، والصحة والغذاء والدواء، الزراعة، والطاقة والثروة المعدنية، والسياحة والآثار، والاتصالات والاقتصاد الرقمي، الإدارة المحلية والأشغال العامة والإسكان، والثقافة، والموارد المائية والري والبيئة، والإعلام، والتدريب المهني والضمان الاجتماعي، والإدارة والخدمة المدنية، والأوقاف والشؤون المقدسات الإسلامية، والعدل والقضاء والشأن القنصلي وغيرها.
وبخصوص الاتفاقيات التي يجري التفاوض حولها على أجندة اللجنة ليتم توقيع ما يتم الاتفاق عليه في هذا الدورة، لفت إلى أنها تشمل مذكرات تفاهم وبرامج تعاون مشترك وبرامج تنفيذية ومشاريع اتفاق، تأتي في ظل التوافق بين البلدين والسعي إلى مراكمة الإنجاز في مجالات التعاون المشترك.
وأكد أن مخرجات عمل مثل هذه اللجان لا يقف عند حدود عدد مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي يتم توقيعها، بل أن جانب متابعة تنفيذ المذكرات والاتفاقيات السابقة وتطويرها بما يتواكب مع المستجدات في كل قطاع والتغلب على أية تحديات أو معيقات، ودراسة الأوجه الجديدة للتعاون والتبادل، تعتبر جزءاً جوهرياً ومهماً في عمل فرق العمل واللجان الفنية التحضيرية، خصوصاً وأن الاتفاقيات بين الأردن ومصر تغطي غالبية المجالات، وأن ميزة الاستمرارية وعدم الانقطاع في دورات اللجنة الأردنية المصرية ساهم بشكل كبير في استمرارية تطبيق المتفق عليه وتطويره وتعزيزه ببنود وملاحق جاءت نتيجة استشراف مسؤولي البلدين للمستجدات في قطاعات التعاون البيني.
ولفت العضايلة إلى أن الوثائق المقترحة والمدرجة على جدول أعمال اللجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة في دورتها الحالية تشمل قطاعات رسم السياسات الاقتصادية وتبادل الخبرات التخطيطية، والتعاون الفني في التدريب المهني، ومجال التأمينات الاجتماعية والضمان الاجتماعي، والتعاون التربوي المشترك، والأوقاف والشؤون المقدسات الإسلامية، والتعاون الصحفي والإعلامي، والطيران المدني، وحماية البيئة والنقل البري والبحري، والصحة، والعمل والقوى العاملة والاستثمار والمناطق الحرة.
في المقابل، وضع السفير الأردني جزءاً من الجهد المبذول لتطبيق المتفق عليه وتطوير آليات التعاون وتعزيزها على القطاع الخاص في كلا البلدين، والذي يعتبر ركناً أساسا في رفد القطاعات (الاقتصادية، الاستثمار، التبادل التجاري والنقل بمختلف أشكاله) بإسهامات وجهود ترفع من مستويات التبادل والفائدة المشتركة ويحد من أي معيقات يواجهها رجال الأعمال والتجار والمستوردين والمصدرين من وإلى مصر والأردن.
وعبّر عن ارتياحه لمستويات الشراكة والتبادل التي تجمع الأردن ومصر، والتي بنيت على أسسٍ من العلاقات المتينة والراسخة والتفاهم المشترك والرؤية التشاركية عززتها اتفاقيات تعاون ومذكرات وبرامج عمل تنفيذية، لافتاً إلى أن قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والتجارة والزراعة تشهد على التقدّم النوعي في العلاقات بين البلدين، وأن هناك خطط مستقبلية لدى الوزارات والمؤسسات المعنية في مصر والأردن لإدامة وتعزيز التقدّم الحاصل في عديد مجالات التعاون المشترك.
وبخصوص مستويات التبادل التجاري بين البلدين، أكد أن الرغبة الجادة والسعي المتواصل من مسؤولي حكومتي البلدين دائما موجودة للاتجاه نحو تحقيق مستويات مأمولة من التبادل التجاري، لا سيما وأن البيانات الرسمية تشير إلى ارتفاع قيمة الصادرات والواردات وبالتالي التبادل التجاري بين الأردن ومصر بشكل متزايد مقارنة بالأعوام السابقة.
وذكر السفير العضايلة أن حجم الصادرات الأردنية إلى مصر، خلال الربع الأول من العام الجاري 2023، بلغ ما قيمته (46.1) مليون دولار، فيما بلغت الواردات من مصر نحو (229.3) مليون دولار خلال نفس الفترة، وفي العام الماضي 2022 ارتفعت قيمة الصادرات الأردنية إلى مصر بنسبة (25.9%) لتصل إلى ما قيمته (225.8) مليون دولار مقارنة مع العام 2021، فيما بلغت الواردات من مصر ذات العام ما قيمته (784.2) مليون دولار، بارتفاع بلغ (9.8%) مقارنة مع العام 2021.
وبخصوص الاستثمارات المصرية في الأردن، ووفقا لوزارة الاستثمار، فقد بلغ الحجم الكلي لها بحدود مليار دولار، تركّزت في عديد المجالات، والتي أبرزها المالية، والتجارة، وقطاع الخدمات والسياحة.
كما لفت إلى مساهمة فاعلة للعمالة المصرية الوافدة المتواجدة في الأردن ودورها في تعزيز الإنتاجية في قطاعات حيوية، منها الإنشاءات والزراعة والتعدين، حيث أن التقديرات المصرية تشير إلى أن عدد الجالية المصرية في الأردن نحو 900 ألف مواطن.
وتطرّق إلى التبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين، حيث يبلغ عدد الطلبة الأردنيين الدارسين في الجامعات المصرية نحو 4500 طالب وطالبة، مقابل عدد مماثل للطلبة المصريين الدراسين في الجامعات الأردنية، غالبيتهم في مرحلة البكالوريوس وعدد منهم في مراحل الدراسات العليا، الأمر الذي اعتبره العضايلة دليلاً على السمعة الأكاديمية والموثوقية التي تتمتع بها المؤسسات الأكاديمية في الأردن ومصر.
وأكد أن العامين الأخيرين شهدا أوجهاً متعددة ومتنوعة من التعاون والتبادل في قطاع الثقافة ومختلف مجالاته، مشيراً، في هذا الصدد، إلى أن الأردن حلّ ضيف شرف على معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة الـ54، كما حل الأردن ضيف شرف على عديد الفعاليات الفنية والمهرجانات الفنية الثقافية في مصر، وشارك فيها فنانون وممثلون ومثقفون ومطربون وفرق فنية أردنية، في المقابل كانت مصر حاضرة بقوة في الفعاليات الثقافية التي عقدت في الأردن وبمشاركة مصرية فاعلة في عديد الأحداث والمناسبات، منها اختيار اربد عاصمة الثقافة العربية، واختيار مصر ضيف شرف على مهرجان جرش في دورته الحالية الـ37، في خطوة لم تكن مسبوقة في الدورات السابقة للمهرجان لتسمية ضيف شرف عليها.
وحول جهود البلدين في خدمة التعاون العربي وترسيخ نماذج منتجة له، أشار العضايلة إلى أن نجاح نموذج التكامل الأردني المصري وإيمان قيادتي وحكومتي البلدين بفوائد التقارب والتعاون العربي العربي، عزز بأن يشكّل البلدان مع العراق الشقيق نموذجاً للتكامل الثلاثي، في ظل البناء على التعاون متعدد الأطراف، لافتاً إلى التقدم الحاصل في المشاريع التي تم وضعها ضمن الرؤية التكاملية المشتركة بين البلدان الشقيقة الثلاثة، خصوصاً في قطاعات الطاقة والنقل والصناعة.
وأكد أن هذا الإطار الثلاثي يستهدف دعم العراق واستقراره وجهود تحقيق الازدهار المبذولة فيه، وأن التوجيهات لدى الدول الثلاث والإرادة السياسية القوية فيها لخدمة مصالح الشعوب الثلاثة على أرضية راسخة من القواسم المششتركة والمزايات التنافسية وأوجه التكامل التي تجمعها، في أبعاد البنية التحتية والموارد الطبيعية والكوادر البشرية.
كما دفع هذا النموذج التكاملي الثلاثي، وفقاً للسفير العضايلة، إلى التوسّع بظهور نماذج تكامل وتعاون عربي متعدد الأطراف، منها اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، والتي تضم مصر والإمارات والأردن والبحرين، والتي استضافت عمان والقاهرة اجتماعات منتجة لها، تمخض عنها مشاريع واتفاقيات تعاون في مختلف المجالات المشتركة، وصل مستوى التقدّم فيها إلى مراحل عملية جيدة بعد حصول عديد المشروعات على الموافقات وإنهاء الإجراءات اللازمة لبدء تنفيذها.